قصة سيدنا موسى
قصة سيدنا موسى عليه السلام كاملة ولقبه كَلِيمُ الله واسمه بالعِبرية موشيه ومعناه المُنقذ أو المُخلص أو المُنتشل من الماء، هو من أُولُو العزم من الرسل وأحد أنبياء بني إسرائيل أرسله الله إلى فرعون ولهداية بني إسرائيل وهو أحد أهم أنبيائهم ومُشرِّعهم ويُعرف عنه معجزات العصا والخروج ببني إسرائيل من مصر وعبوره البحر بهم وقد ذُكر سيِّدنا موسى في القرآن الكريم 136 مرة مما يجعل منه أكثر نبي ذُكر في القرآن وقد قابله النبي محمد ﷺ في السماء السادسة خلال رحلة الإسراء والمعراج، حيث أخبره أن يسأل الله أن يخفف الصلاة على أُمَّة محمد لتصبح خمسًا بدلًا من خمسين.
قصة سيدنا موسى عليه السلام
هو موسى بن عمران أو عمرام بن قاهث بن عازر بن لاوى بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام وأمه هي يوكابيد بنت لاوي (يُشار إليها أيضًا باسم يوحاند أو أياذخت) وله من الإخوة مريم وهارون، بحسب اليهود، وُلِد موسى بعد نحو 500 سنة من وفاة سيِّدنا يوسف عليه السلام في 1391 ق.م. وتوفي في 1271 ق.م. وبعض المؤرخين يعتقدوا أنه وُلِد في سنة 1592 ق.م. أو 1571 ق.م.
وقد وُلِد موسى في مصر في وقت كان فيه العبرانيون تحت سطوة فرعون الذي كان يستعبدهم ويُسخِّرُهم في الأعمال الشاقة وهؤلاء يعود تواجدهم في مصر منذ عهد سيِّدنا يوسف وكان موسى من الجيل الرابع لسبط لاوي بن يعقوب في مصر وقد تركَّز وجودهم في أرض جوشن أو جاسان التي تعرف حاليًّا باسم وادي الطميلات وهو الوادي الزراعي الذي يمتد من شرق الزقازيق بمحافظة الشرقية إلى غرب الإسماعيلية حيث وُلِد سيِّدنا موسى كما يُذكر.
قصة سيدنا موسى وفرعون
إن مسألة معرفة من هو فرعون موسى من ملوك مصر القديمة هو محل جدل كبير بين الأثريين. وفرعون لقب كان يُطلق على ملوك مصر القديمة مثلما يطلق لقب النجاشي على ملوك الحبشة وكِسْرى على ملوك الفُرس وقيصر على ملوك الروم، ويرى البعض أن المقصود بفرعون هو رمسيس الثاني رغم عدم وجود أي أدلة تاريخية حول ذلك وربما ابنه مرنبتاح.
ويذكر المفسرون الدينيون أنه شخص اسمه الوليد بن مصعب رغم أن الاسم لرجل عربي، يعتقد آخرون أن فرعون هو أحد ملوك الهكسوس فيما يرى باحثون أن قصة سيدنا موسى عليه السلام لم تحدث في مصر وأن فرعون ليس من ملوك مصر القديمة وجُل هؤلاء من الأثريين المصريين، الذين حتى يرفضوا إطلاق مُسمَّى فراعنة على المصريين القدماء لاسيما أن فرعون يعني أيضًا في اللغة العربية المتجبر الطاغية المتكبر.
وربما كان دافعهم بشأن ذلك هو أن فرعون موسى يُمثِّل نموذجًا سيئًا في القرآن الكريم والعهد القديم لشخص طغى وتكبَّر ورفض الإيمان بالله فأهلكه الله وجنده ومع ذلك يتناسى أغلبهم أن الرواية الدينية التي تعتمد على الإيمان بها تختلف عن الرواية التاريخية التي تعتمد على النصوص التاريخية المسجلة وخلاصة الأمر أنه لم يتمكن أحد من معرفة من هو فرعون موسى أو إثبات عدم حدوث قصته في مصر.
يُحكى أن فرعون رأى ذات يوم في منامه كابوسًا مزعجًا، حيث رأى نارًا قادمة من بيت المقدس تحرقه وأتباعه وتترك بني إسرائيل، استيقظ على أثر ذلك وجمع كهنته البارعين في تفسير الأحلام ليفسروا له ما رأى فأخبروه أنه سيولد غلامٌ لبني إسرائيل يكون سببًا في هلاكه، عندها أمر فرعون بقتل كل مولود ذكر يولد في بني إسرائيل ولمَّا وجد أن قتل كل أبنائهم الذكور سيعني فناءهم وبالتالي لن يجد من يستخدمه في الأعمال التي يُسخِّرهم فيها قرر أن يقتل مواليدهم الذكور في عام ويتركهم في عام آخر.
ولقد وُلِد موسى في العام الذي يُقتل فيه مواليد بني إسرائيل، فحزنت أمه لذلك وخشِيَت عليه من بطش آل فرعون، لكن الله أمرها أن تضعه في تابوت صغير من الخشب وأن تضعه في النهر وطمأنها ألَّا تخشى عليه شيئا وطلبت أم موسى من أخته مريم التي قيل إنها تكبُره بعشرة سنوات أن تراقب الصندوق بينما يحمله التيَّار والذي جلبه إلى قصر فرعون على نهر النيل حيث عثرت عليه جَوَارِي آسية بنت مزاحم زوجة فرعون فأحضَرنَه إليها.
فَرِحَت آسية لمَّا وجدت رضيعًا في الصندوق ورقَّ قلبها له وكانت عاقرًا لا تُنجب فقررت أن تتبنَّاه وأقنعت فرعون بأن يتخذاه ولدًا وأسمته موسى أي المُنتشل من الماء وأخذت تبعث بجواريها ليبحثن له عن المُرضعات وكلما حضرت واحدة كان يرفض الرضاعة منها واحتارت آسيا في أمره وخشيت عليه من الموت جوعًا ولما كانت أخته تستقصى أخباره علمت أن آسية بحاجة إلى مرضعة وعرضت عليهم إحضار واحدة بأجر فوافقوا وكانت أم موسى هي التي حضرت وهكذا اجتمع شمله بأمه مجددًا وشبَّ موسى وكبر في بيت عدُوُّه فرعون.
وفي إحدى الأيام كان موسى يتجوَّل في طرق المدينة وقت القيلولة وقد خلت الطرق من الناس فوجد رجلاً من بني إسرائيل يصارع رجلاً من آل فرعون ولمَّا رآه رجل بني إسرائيل استنجد به وحاول موسى أن يدافع عنه فَوَكَز خصمه فقتله عن غير عمد، مما جعل موسى يندم على تلك الفِعلة ويدعو ربه أن يغفر له ذنبه.
وفي اليوم التالي إذا به يجد نفس الرجل الذي استنجد به بالأمس يقاتل رجلًا آخر من آل فرعون والذي استغاث به مرة أخرى، حينها غضب موسى وقال له “إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ” وكان يقصد أنه صاحب فتنة ولما رآه الرجل الذي من شيعته قادمًا إليه وهو غاضب ظنَّ أنه يريد الفتك به، بينما كان موسى يريد تخليصه ممَّن يقاتله، حينها قال لموسى أتريد قتلي كما قتلت نفسا بريئة بالأمس؟
حينها عرف أهل المدينة أن موسى هو من قتل رجل آل فرعون بالأمس وشاع الخبر حتى وصل إلى فرعون فأرسل فيمَن يقتص من موسى ولحق رجل صالح من بني إسرائيل يقال له حزقيل أو خربيل بموسى وأخبره بما يضمره له آل فرعون ونصحه بالخروج من مصر.
أرض مَدْيَن
نزل موسى بأرض مَدْيَن بعد رحلة مرهقة وقيل وصل إليها بعد مسيرة ثمانية أيام وجلس يستظل تحت شجرة بالقرب من بئر، كان الرُّعاة يتزاحمون حوله ليسقوا أغنامهم وأبصر موسى فوجد امرأتين لا تستطيعا السقية وتحبسان غنمهما حتى لا يختلط بغنم الرعاة لحين فراغهم من السقي، فَدَنَا منهما موسى وسألهما حاجتهما وسبب انتظارهما، فقالتا له: لا نسقي حتى يصدر الرعاة وأبانا شيخ كبير، أي لا نستطيع أن نُزاحم الرجال.
لذلك أشفق موسى عليهما وسقى لهما الأغنام وروى ظمأه وعاد يستظل تحت الشجرة ولما رجعت الامرأتان إلى أبيهما سُرَّ بعودتهما مبكرًا فأخبرتاه عن السبب ويذكُر بعض المفسرون أن أبيهما ربما يكون النبي شعيب عليه السلام وآخرون ينفون ذلك نظرًا للفارق الزمني بين بعث موسى وشعيب.
بعث الأب إحدى بناته إلى موسى تدعوه للحضور ليجزيه على فعله وجاءته واحدة منهما تمشي على استحياء وطلبت منه الذهاب معها إلى أبيها ولما جاء موسى إلى أبيها أخبره بأمره وسبب خروجه وكان رجلًا مؤمنًا بالله فطمأنه ألَّا يخشى شيئًا بعد نجاته من القوم الظالمين وطلبت إحدى بناته أن يستأجره لقُوَّته وأمانته، فعرض على موسى أن يزوِّجه إحدى بناته وتدعى صفورة (صفوريا) على أن يتخذه أجيرًا لثمانية سنوات في رعاية غنمه وله الاختيار في أن يكملها عشر سنوات من عنده وقبل موسى عرضه.
ظَلَّ سيدنا موسى عليه السلام في أرض مَدْيَن عشر سنوات وأنجبت له زوجته ابنه البِكر جيرشوم، إلى أن قرَّر أن يرجع مصر فسأل زوجته أن تطلب من أبيها أن يعطيهما بعض الغنم ما يمكنهُما العيش به.
عودته إلى مصر
خرج سيدنا موسى عليه السلام بأهله من أرض مَدْيَن لكنه ضلَّ الطريق بعدما وصل إلى جبل الطور بسيناء في ليلة مظلمة باردة وكانت زوجته حامل في ابنهما الثاني أليعازر وأراد موسى أن يوقد نارًا فلم يستطع، ثم رأى نارًا من بعيد فقال لامرأته إنه سيذهب إلى هناك عسى أن يحضر قبسًا من النار ولما وصل نزل عند وادي اسمه “طُوَى” فرأى نارًا عظيمة في شجرة خضراء قيل هي العوسج والشجرة لا تحترق ثم سمع الله يناديه بأن يخلع نعليه لأنه في الوادي المقدس طوى وأنبأه باختياره نبيًّا وأمَرَه بالذهاب إلى فرعون ودعوته إلى عبادة الله وأعطاه معجزتين.
الأولى: معجزة العصا وذلك أن أمره بإلقاء عصاه فإذا هي حيَّة عظيمة، خاف موسى منها وتراجع لكن الله طمأنه وأمره أن يمسكها بيده فعادت عصا كما كانت.
الثانية: أن أمره الله فوضع يده في جيب قميصه وأخرجها فإذا هي تخرج بيضاء متوهِّجة.
وكانت هاتين المعجزتين تأكيدًا على صدق موسى عندما يعرض دعوته على فرعون وطلب موسى من ربه أن يؤازره بأخيه هارون عند لقاء فرعون لأنه أفصح منه في الكلام فأجابه ربه إلى ذلك ولما تذكَّر أمر الرجل الذي قتله من آل فرعون، طمأنه الله ألَّا يخشى شيئًا وأنه في حمايته ورعايته.
ويقول اليهود أن الله كلَّم موسى على جبل طور سيناء واسمه عندهم جبل حوريب حيث تلقَّى منه ما يُعرف عندهم بالوصايا العشر وبالإضافة إلى معجزة العصا واليد فإن الله أمد موسى بآيات أخرى حتى أصبحن تسعة، قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ). سورة الإسراء- الآية 101. والأخريات هُنَّ ما أصاب آل فرعون من غضب الله.
مواجهة فرعون
كان فرعون قد ادَّعى الألوهية وكان يدعو قومه إلى عبادته من دون الله ولمَّا التقى موسى به وكان معه أخيه هارون، خاطباه بطريقة ليِّنة كما أمرهما الله، داعِيَيْن إياه إلى عبادة الله، ويروِي لنا القرآن في سورة طه هذه المقابلة حيث سأل فرعون موسى من ربه؟
فأجابه موسى إنه اتبع الله الذي أعطى كل شيء ما يناسب خلقه على أحسن صورة، ثم هدى كل شيء إلى الانتفاع بما خلقه الله له.
ثم سأل فرعون موسى مرة أخرى عمَّا يعرفه من أمر الأمم السابقة؟
فيجيب موسى أن معرفتها عند الله وعَدَّدَ له نعم الله.
فعاد فرعون يخاطب سيدنا موسى عليه السلام وذكَّره بمولده فيهم وحياته معهم وكيف قتل رجلًا منهم ثم ولَّى هاربًا، فاعترف موسى أنه ارتكب الفعل جهلًا، لكنه ندم وتاب وقد غفر الله له، إلا أن فرعون اتهمه بالجنون وهدَّده بالسجن إذا استمر في دعوته وإنكار أُلُوهيَّته لكن موسى أخبره أنه جاء بمعجزات من عند الله وألقى عصاه على الأرض التي تحوَّلت إلى ثعبان عظيم فزع منه فرعون.
ثم أدخل موسى يده من جيبه وأخرجها فإذا هي ناصعة البياض كالثلج وبالرغم من هذه المعجزات وبدلًا من أن يهتدي فإن فرعون عاند وتكبَّر واتَّهم موسى وأخيه بالسحر ليُخرِجا آل فرعون من أرضهم وتحدَّى موسى بإحضار أفضل السَّحَرة لمنافسته وطلب منه أن يختار موعدًا لذلك، فاختار وقت الضُّحى من “يوم الزينة” أي يوم العيد.
واجتمع فرعون بالملأ خاصته لاستشارتهم في أمر موسى وكان من بينهم وزيره هامان الذي حذَّره من إتّباع دعوة موسى وإلا سيفقد مكانته كإله معبود يخشاه قومه ونادى فرعون في البلاد فجيء له بأفضل السحرة قيل إن عددهم سبعين ساحرًا وقد وعدهم بأن يرفع من مكانتهم ويقرِّبهم إليه إن غلبوا موسى وفي اليوم المحدَّد حضر موسى وكان هناك خلق كثير اجتمعوا ليشهدوا منافسته لسحرة فرعون.
قصة سيدنا موسى مع السَّحَرة
سأل سحرة فرعون موسى أن يُلقِي عصاه أولًا أو يُلقوا عِصيَّهم وأجابهم بأن يكونوا هم البادئين، فلما ألقوا عصيهم وحِبالهم التي معهم، خُيِّل للنَّاس أنها حَيَّات تسعى وخشى موسى أن يَفتِنوا الناس بسِحرهم فأوحى الله له ألَّا يخشى سحرهم وأنه لغالبهم بإذن الله ولما حان دور موسى، ألقى عصاه التي تحوَّلت إلى ثعبان عظيم التقم ثعابينهم الصغيرة المزيَّفة وعَلِمَ سحرة فرعون أن هذا ليس بسحر وخَرُّوا ساجدين معلنين إيمانهم برب موسى وهارون على الملأ.
اغتاظ فرعون وغضب من إيمانهم بالله دون أن يأذن لهم واتهم موسى بأنه من علَّمهم السحر، بينما توَعَّدَهُم بالعذاب الشَّديد إن لم يرجعوا عن فعلتهم وإلا سيقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف (أي يقطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى أو العكس) ثم يصلِّبهم على جذوع النخل وما كان من أمرهم إلا أنهم لم يأبهوا بتهديداته بعدما اهتدوا إلى الله ونفَّذ فرعون وعيده فكان سحرة فرعون كافرين في أوَّل النهار ومؤمنين في آخره.
ماشطة ابنة فرعون
وكما آمن السَّحَرَة بالله آمن به من بيت فرعون نفسه، زوجته وماشطة ابنته، أمَّا الماشطة فكانت تمشُط شعر ابنته فوقع المشط من يدها فقالت: “بسم الله” لَمَّا جاءت ترفعه من على الأرض فتعجَّبَت ابنة فرعون وسألتها: أَلَكِ إله غير أبي؟
فقالت الماشطة: نعم، ربِّي وربُّك وربُّ أبيك وأخبرت الابنة أبيها بما قالت الماشطة فأَمَرَ بإحضارها وواجهها بما قالت فلم تُنكره فهدَّدَها إما أن ترجع أو يصيبها عذاب شديد فلم تمتثل لأمره وهنا أمر فرعون فأحضر أبنائها أمام قِدْر كبير فيه زيت يغلِي وأمر بإلقائهم الواحد تلو الآخر أمام أُمِّهِم علَّها ترجع عن إيمانها بالله فما قدر أن يزحزحها عن إيمانها.
وقبل أن يُلقَى بطفلها الرضيع في القِدْر وكان آخر أبنائها، إذا به يتكلم ويخبرها أن تصبر فإن الحق معها وهو من السبعة الذين ذُكر عنهم تكلُّمُهم في المهد وقد طلبت الماشطة من فرعون أن يجمع عظمها وعظام أبنائها فيدفنهم في قبر واحد فأجابها إلى طلبها.
زوجة فرعون
وأما زوجته آسية فهي من أربع نساء هُنَّ سيِّدات أهل الجنة وخير نساء العالمين، لِمَا وَرَدَ عنها في السنة النبوية، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي ﷺ أنه قال: “خير نساء العالمين: مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون“. (صحيح ابن حبان).
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنه قال: “أفضل نساء الجنة أربع: مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون“. (الصحيح المسند).
وقد عذَّبها فرعون عذابًا شديدًا بعدما عنَّفته على قتل الماشطة واكتشافه إيمانها بالله وقد دعت الله أن يبني لها قصرًا في الجنة ثم توفَّت من أثر التعذيب.
الآيات التسع
ازداد طغيان فرعون على بني إسرائيل فوقع عليه عذاب الله المتمثل في الآيات التسع وهي وفق ما جاء في القرآن الكريم: الطوفان، الجراد، القمل، الضفادع، الدم، القحط ونقص الثمرات.
أما وفق اليهود فهي عشر ويسموها الضربات العشر أو ضربات مصر وهي التي أرسلها الله على مصر لكي يترك فرعون بني إسرائيل ويُخلي سبيلهم وكلما تنزل ضربة منهن كان فرعون يطلب من سيدنا موسى عليه السلام أن يرفعها مقابل تركه بني إسرائيل وشأنهم لكنه كان يعود وينكث بوعده فتنزل ضربة أخرى من جديد والضربات كما يذكرها العهد القديم كالتالي:
1- تحوُّل المياه إلى دم.
2- الضفادع.
3- البعوض.
4- الذباب.
5- الغبار.
6- الدمامل.
7- نزول البرد والنار.
8- الجراد.
9- الظلام.
10- موت الأطفال البِكْر لقوم فرعون وفيها مات ابن فرعون البِكْر.
قارون وفرعون وهامان
كان فرعون يريد قتل موسى فحذَّره رجل من قومه، كان يكتم إيمانه، من مغبَّة هذا الفعل وطلب فرعون من وزيره هامان أن يبني له صرحًا عاليًا لم يسبق له مثيل علَّه يرى إله موسى وكان هامان وكذلك قارون المذكورين في القرآن من بطانة فرعون الكافرة وقارون كان وزيرًا مسؤولًا عن بني إسرائيل وكان فاحش الثراء له من الأموال والثروات الكثير وقد بلغ مبلغ ثرائه أن مفاتيح أبواب حجرات قصره التي يكتنز فيها أمواله من الثقل بحيث أنه يصعب على الرجال الأشدَّاء حملها.
وكان يخرج على الناس في أحسن الثياب وفي أبهى زينة حتى إنهم تمنَّوا لو أن عندهم مثل ما عنده ومع ذلك كان قارون متكبرًا وناكرًا لفضل الله عليه معتبرًا أن ثراءه هذا نتيجة عمله، لذلك خسف الله قصره وخسفه معه في الأرض، جزاء غروره وفساده فكان عبرة للناس وبالنسبة لما يُعرف ببحيرة قارون وقصر قارون بالفيُّوم في مصر فليس له علاقة بشخصه، لأن البحيرة تستمد اسمها من كثرة القرون (الخُلجان) التي بها وكانت في الأساس جزءًا من بحيرة موريس أما القصر فهو أطلال معبد بُني في العصر اليوناني.
خروج بني إسرائيل من مصر
لقد أَذِنَ الله لموسى أن يخرج ببني إسرائيل من مصر إلى أرض فلسطين فخرج بهم في جُنح الليل، دون أن يشعر آل فرعون بهم وقد أخذ موسى معه تابوت يوسف عليه السلام ليدفنه هناك وقيل أن عدد بني إسرائيل حينها ستمائة ألف هم مجموع الأسباط الاثنا عشر.
وفي الصباح علم فرعون بخروجهم فقرَّر أن يخرج بجيشه فيلاقيهم ويقتلهم عن بكرة أبيهم وتعقَّبَهم بجيشه حتى وصل موسى وبني إسرائيل إلى مكان يُقال له نقطة الشط على خليج السويس، فأصبح جيش فرعون خلفهم والبحر أمامهم فلم يدروا ماذا يفعلوا وفزعوا فزعًا كبيرًا، إلا أن الله أوحى لموسى أن يضرب بعصاه البحر، حينها إنشق البحر إلى نصفين كاشفًا عن طريق إلى الضفة الأخرى وارتفع موجُهُ على الجانبين ارتفاعًا عظيمًا وقيل أن البحر كشف عن اثني عشر طريقًا بعدد الأسباط وكل سبط مر في طريق.
ولمَّا عبر بنو إسرائيل إلى الجانب الآخر أمر الله موسى ألَّا يضرب البحر بعصاه حتى يسير فرعون وجيشه في الطريق التي عبروا منها وعلى الرغم من معجزة سيدنا موسى التي رآها فرعون وجُنده إلا أن إصرارهم على الكفر والعناد كان كبيرًا حتى لو أدَّى ذلك لمقتلهم وهو ما حدث فلمَّا سار فرعون وجيشه في الطريق وقبل أن يخرجوا منه ضرب موسى البحر بعصاه مجددًا فانغلق البحر عليهم وضربتهم الأمواج فغرقوا وهلكوا عن آخرهم.
ولمَّا أدرك الموت فرعون وأنه هالك لا محالة أخذ يقول آمنت برب موسى وبني إسرائيل ولكن هيهات فقد سبق السيف العذل وكانت توبته فقط حينما أدرك موته فلم يتقبَّل الله منه ومات فرعون كافرًا ولفظ البحر جسده حتى يتيقَّن لبني إسرائيل موته وليكون عبرة وعظة لغيره.
ومن إحدى الدلائل التي تُنسب إلى معجزة انفلاق البحر ما يُعرف باسم سمكة موسى وهي سمكة انشق جسمها إلى نصفين عند انشقاق البحر ولا زالت موجودة في تلك المنطقة من البحر الأحمر وقد تكون دليلا على وقوع قصة سيدنا موسى عليه السلام بهذه المنطقة.
هذا ويحتفل اليهود في 15 أبريل من كل عام بعيد الفصح لمدة سبعة أيام وهو العيد الذي يمثل لهم ذكرى خروجهم من مصر وهو يقابل يوم عاشوراء لدى المسلمين الذي يوافق العاشر من مُحرَّم، وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: “قَدِمَ النبي ﷺ المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجَّى الله بني إسرائيل من عدوِّهم فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه”. (رواه البخاري).
نجَّى الله بني إسرائيل من بطش فرعون ولما استسقى موسى الماء لهم بعدما أصابهم العطش، أمره الله فضرب الأرض بعصاه فانفجرت اثنتا عشر عينًا لكل سبط يشرب منه وهذه العيون أو الآبار يُعتقد أنها هي الموجودة بمنطقة عيون موسى في سيناء على الضفة الشرقية لخليج السويس.
نزول المن والسلوى
كما أرسل الله سحابًا على بني إسرائيل يظللهم في طريقهم عبر صحراء سيناء وأنزل عليهم طعامًا من السماء هو المن والسلوى وقيل أن المن كان شرابًا كالعسل والسلوى نوعًا من الطيور قيل السَّمَّان ومع ذلك لم يعجبهم هذا الطعام بحجة أنه طعام واحد وطلبوا من موسى أن يدعو الله وكانوا دائمًا يقولوا له “ادع ربك” بدلًا من “ربنا”، أن يجعل الأرض تنبت لهم البقوليات والقثاء (الفقوس أو القتة) والفوم (قيل الثوم أو الحنطة) والعدس والبصل.
فأنكر سيدنا موسى عليه السلام طلبهم هذا بعدما مَنَّ الله عليهم بما هو أفضل من طعام الأرض وإذا بهم يرفضونه وقال لهم إن أردتم مثل ما تطلبونه (اهبطوا مصرًا) أي أنزلوا بلدًا من البلدان وفسَّر بعض المفسرين مصرًا التي ذُكرت في هذا الموقف في القرآن أن المقصود بها مصر التي خرجوا منها، لكن لم يوضحوا كيف يرجعوا إلى البلد التي خرجوا منها للتو.
قصة سيدنا موسى ولقاء ربه
ومن مبلغ طغيان بني إسرائيل وجحودهم أن مرُّوا بقوم يعبدون الأصنام فأرادوا من موسى أن يصنع صنمًا لهم يعبدونه وكان ذلك لِعَظيم جهالتهم فغضب موسى منهم غضبًا شديدًا ثم كان أن أمرهم الله بالسير إلى أرض الكنعانيين أو العماليق ومحاربتهم وكان أن بعث رجالًا يستقصون أخبارهم فلما عادوا قالوا أنهم قومٌ جبارين ذوي بأس شديد وخشى بنو إسرائيل منهم.
وقالوا لموسى إننا لن نبرح مكانًا واذهب أنت وربك لتقاتلهم بأسلوب ينُم عن سوء أدبهم مع الله فكان أن حكم الله عليهم بالتِّيه في الصحراء لمدة أربعين سنة ثم اتجه بهم موسى إلى جبل الطور وتركهم هناك مستخلفًا عليهم أخيه هارون واتجه إلى وادي طوى بعدما طلبوا منه كتابًا من عند الله يُبَيِّن لهم شريعتهم وقد أمره الله بالصيام ثلاثين يومًا ثم عشرة أيام أخرى فأكملها أربعين قيل إنها شهر ذي القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة .
ونزل موسى في نفس المكان الذي تلقَّى فيه نبوَّته ومعجزاته من قبل وهناك طلب أن يرى الله جهرة فقال له الله إنك لن تراني لكن إذا استطاع هذا الجبل الثبات فيمكنك رؤيتي وتجلَّى الله للجبل، فسقط الجبل دكًّا وقد تفتَّت وخَرَّ موسى مغشيًّا عليه بعدما هاله المنظر فلما أفاق بفضل الله استغفر الله تائبًا وقد نزلت التوراة على موسى في شكل ألواح (ألواح موسى).
وبحسب الرواية الإسلامية كانوا ستة، تحطم منها اثنتان وظل أربعة وقيل أنها كانت من زبرجد أو زمرد أو خلافه من الحجر النفيس ويختلف المفسرون حول إذا ما كانت صحف موسى الواردة في القرآن هي نفسها التوراة، بينما يعتقد اليهود أن أبرز ما جاء في الألواح هو “الوصايا العشر” التي تلقَّاها موسى على جبل حوريب (طور سيناء) وشكَّلت أساس منهجهم ولاحقًا كانت هذه الألواح توضع في تابوت اسمه تابوت العهد يأخذه اليهود معهم أينما ذهبوا.
السامري
خلال صعود سيدنا موسى عليه السلام إلى جبل الطور، استغل رجل من بني إسرائيل غيابه وكان يقال له السامري، الذي أغوى بني إسرائيل بعبادة عجل صنعه لهم، حيث إنه أخذ الذهب الذي كانوا قد أخذوه من قوم فرعون قبل خروجهم من مصر ثم عمد إليه فشكَّل منه عجلًا ذهبيًّا بعدها ألقى في فمه حفنة من تراب أخذها من أثر فرس سيدنا جبريل عليه السلام حين كان واقفًا يشهد غرق فرعون وجُنده وإذا بالعجل يخور كما تخور العجول فَفُتِن بنو إسرائيل به وقال لهم السامري إن هذا إلهكم وإله موسى الذي تركه وذهب يبحث عنه بعيدًا.
ولما رجع موسى ووجدهم يعبدون العجل، غضب غضبًا شديدًا وألقى الألواح التي معه فتحطم بعضها ثم قدم عليهم يُوبِّخهم وأمسك بلحية أخيه ورأسه معنفًا له على تركه لهم يعبدون العجل فقال له أنه حاول أن يصُدَّهم عن سوء فعلهم فلم يقدر وخشي إن هو جاء إليه أن يقول له لِمَ تركتهم؟
ولمَّا ذهب غضب موسى دعا ربه أن يغفر له ولأخيه ثم تحرَّى من السامري عما فعله وجاء بالعجل فأحرقه حتى صار رمادًا رماه في ماء ثم سقى منه من عَبَدُوا العجل وحكم على السامري ألا يقربه أو يمسَّه أحد فهام في البرِّيَّة على غير هدى، بينما دعا موسى قومه إلى التوبة إلى الله وذُكِرَ أن عَبَدَة العجل من بني إسرائيل قتلوا عن آخرهم.
ولما رفع موسى الألواح المكتوب فيها شريعتهم أخذوا يجادلونه فيها فرفع الله الجبل على رؤوسهم كأنه غمامة ولما أبصر بنو إسرائيل ذلك قبِلُوا بما جاء في الألواح وخرُّوا ساجدين وكان موسى قد اختار سبعين رجلًا منهم كما أمره الله، يأتوا معه في ميعاد ومكان معلوم للاعتذار عما بدر من بني إسرائيل من عبادة العجل فلما جاء موسى بهم تجرأوا فقالوا له لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم صاعقة من عند الله قتلتهم عقابًا لهم وناجى موسى ربه ماذا يقول لبني إسرائيل إن هو عاد إليهم فسيتهمونه بقتلهم، فبعثهم الله من جديد.
بقرة بني إسرائيل
يُورِد لنا القرآن قصَّتين تتعلقان بسيدنا موسى عليه السلام وهما قصة بقرة بني إسرائيل ولقائه مع الخضر، أما عن قصة بقرة بني إسرائيل، فقد كان هناك شيخًا كبيرًا من بني إسرائيل وكان غنيًّا بحيث حقد أبناء إخوته عليه وتمنُّوا موته ليرثوه، ولم ينتظر واحدًا منهم موته فقتله ليلًا.
وفي اليوم التالي اختصموا بشأن من قتله وذهبوا لموسى يشكون والذي أمرهم بذبح بقرة، فاعتقدوا في البداية أنه يهزأ بهم وكان أن حدَّد لهم صفات معينة لها في كل مرة كانوا يبحثون عنها وهي بقرة متوسطة السن لا كبيرة ولا صغيرة، لونها أصفر فاقع يسُر الناظرين إليها، لا تستخدم في عمل كحرث أو سقاية ماء وإنما ترعى حرة ولا يوجد بها أي عيب.
وأخيرًا عثروا على بقرة بهذه الصفات عند رجل بار بوالديه فساوموه على شرائها فرفض في البداية حتى أعطوه فيها مبلغ عشر أضعاف وزنها ذهبًا، وجاؤوا بالبقرة فذبحوها وهم يترددون بينهم ثم أمرهم موسى بأخذ البعض من عظامها وضرب القتيل بها فنطق القتيل حينها قائلًا: قتلني ابن أخي وأشار إليه ثم مات مجددًا. وهذه آية من آيات الله سبحانه وتعالى.
موسى والخضر
أما قصة سيدنا موسى والخضر عليه السلام فتأتي بالتفصيل في سورة الكهف ومفادها أن موسى خطب يومًا في بني إسرائيل ولما سئل عمَّن هو أعلم من في هذه الأرض، أجاب أنه هو فعاتبه الله كونه لم يَسْأَل وأوحى إليه بأنَّ هناك رجلًا أعلم منه في مكان يُسمَّى “مجمع البحرين” (يختلف المفسرون حول موقعه الحالي).
وسأل موسى ربه أن يقابله عسى أن يُعلِّمه شيئًا لا يعرفه فأمره الله أن يخرج للبحث عنه وأن يأخذ سَمَكًا مالحًا (سمكة للأكل) في ما يشبه القُفَّة وحيثُما فقد السَّمَك سيجد الخضر واصطحب موسى معه يوشع بن نون وهو النبي الذي سيخلفه في بني إسرائيل بعدما توفي هارون قبل موسى.
وكانا يأكُلان من السَّمَك في طريقهما حتى جَلَسَا يستريحا عند صخرة بجوار البحر فأصاب البلل القُفَّة التي بها السَّمَك فَخُلِقَ من جديد بأمر الله واتخذ طريقه إلى البحر وعلم يوشع بأمر السَّمَك لكنه نَسِيَ أن يخبر موسى الذي كان نائمًا بما حدث واستكملا سيرهما فلما شعر موسى بالجوع طلب من يوشع إحضار السَّمَك ليأكلا منه فتذكَّر يوشع ما كان من أمره وأخبر موسى، فعادا إلى حيث فُقِدَ السَّمَك وهناك وجد موسى الخضر.
طلب موسى من الخضر مرافقته حتى يتعلم منه إلا أنه قال له: إنك لن تستطيع معي صبرًا (أي لن يصبر على تأويل ما يَمُرَّا به) لكن موسى قال له أنه سيكون من الصابرين بإذن الله واشترط الخضر عليه ألا يسأله عن شيء حتى يُبيِّن له أمره حينما يحين موعد ذلك فوافق موسى وركب الاثنان سفينة في البحر فإذا بالخضر يحدث بها خرقًا وهو ما استنكره موسى فذكَّره الخضر (ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرًا) فاعتذر موسى بالنسيان.
ولما هبطا من السفينة وجدا غلامًا فقتله الخضر واستنكر موسى مجددًا فِعل الخضر فعاتبه الخضر من جديد بعدم صبره فاعتذر موسى وقال له لو سألتك عن شيء آخر ففارقني ونزل الاثنان بقرية رفض أهلها أن يضيِّفوهما ثم وجد الخضر جدارًا مائلًا على وشك السقوط فبناه وأقامه فقال له موسى أن بمقدوره أن يأخذ أجراً على ذلك من القرية التي رفض أهلها إطعامهما.
وهُنا قال له الخضر إن موعد فراقهما قد حان وأنه مخبره بتأويل الأمور الثلاثة التي حدثت، أما السفينة فكان أصحابها مساكين وكان هناك ملك طاغية قادمًا خلفهم يأخذ كل سفينة بالقوة وأراد الخضر بخرقها أن يعيبها فلمَّا يراها الملك لا يأخذها بينما يستطيع أهلها أن يصلحوا الخرق لاحقًا وأما الغُلام فكان ابنًا كافرًا لأبوين مؤمنين بالله وكان بإمكانه حملهما على الكفر ليصبحا مثله فقتله الخضر عسى أن يعوِّضهُما الله ابنًا صالحًا وأما الجدار فكان تحته كنزٌ وكان مُلْكًا لولدين يتيمين وكان أبوهما رجل صالح فأراد الله أن ينتفعا به باستخراجه عندما يكبرا.
وقد تُوفي سيدنا موسى عليه السلام وعمره 120 سنة كما قيل ومكان دفنه غير معروف. ونتمنى أن تكون قصة سيدنا موسى عليه السلام قد أفادتكم جميعًا بقدر استفادتكم من باقي قصص الأنبياء والرُّسُل الآخرين ويمكنكم كتابة آرائكم وتعليقاتكم في الأسفل أو مشاركة قصة سيدنا موسى على مواقع التواصل الاجتماعي ليستفيد منها كل الأصدقاء لديكم.