قصة سيدنا سليمان

قصة سيدنا سليمان عليه السلام

قصة سيدنا سليمان

قصة سيدنا سليمان عليه السلام، حيث يُنطق اسمه (سولمون بالإنجليزية) ولقبه سليمان الحكيم والنبي الملك وأصل اسمه باللغة العبرية شلومو ويعني “رجل السلام” هو أحد أنبياء بني إسرائيل وثالث ملوكهم، عُرف عنه كونه أحد الملوك الأربعة الذين حكموا الأرض، اثنان منهما مؤمنان هما ذو القرنين وسليمان واثنان كافرين هما النمرود وبختنصر وقد وهبه الله مُلكاً لم يُمنح لأحدٍ من قبله ولا من بعده، كذلك عُرف عنه حكمته ومدى ثراء مملكته وتوسُّعها وذكر لنا القرآن الكريم قصته مع ملكة سبأ وفهمه منطق الطير والحيوانات والنمل ولغاتهم وتسخيره الرياح والجن في خدمته وطاعته بإذن الله وذُكر اسمه 17 مرة في القرآن الكريم منها 7 مرات في سورة النمل.

 

نَسَبُه

ولد سيدنا سليمان بن داود في عام 990 ق.م في القدس وأمه هي بثشبع بنت أليعام وتولَّى حكم مملكة إسرائيل من بعد وفاة أبيه داود وهو في سن الثانية عشر واستمرت فترة حكمه أربعين سنة حتى وفاته ويقال أنه كان لديه 700 زوجة و300 جارية، أنجبن له ذرية كبيرة من الأبناء يُعرف منهم رحبعام ومنليك الأول ويعتقد أن الأخير ابنه من بلقيس ملكة سبأ رغم أن زواج سليمان منها غير مؤكد وكان الزواج والمصاهرة من بنات ملوك الممالك المجاورة من سياسات سليمان لتوطيد دعائم مملكته

 

مملكة سيدنا سليمان

ولما توفى انقسمت مملكة سيدنا سليمان إلى اثنتين، الأولى مملكة إسرائيل الشمالية وأول ملوكها يربعام وانتهت بغزو سرجون الآشوري لها الذي سبى اليهود بها وأجلاهم إلى بلاد الرافدين والثانية في الجنوب (مملكة يهوذا) وكان أول ملوكها رحبعام بن سليمان ودامت فترة طويلة حتى غزاها نبوخذ نصر وبالنسبة لمنليك الأول فهو أول ملوك الحبشة ويقال أنه جلب تابوت العهد معه من القدس إلى بلاد الحبش وظلت سلالته التي أسميت السلالة السلمانية تحكم الحبشة لمدة ثلاثة آلاف سنة حتى انتهت بسقوط الملك هيلا سلاسي.

 

حكمته

يذكُر لنا القرآن مدى نبوغ سليمان وحكمته حتى قبل أن يرث مُلك أبيه في قصة الحرث، جاء رجلان إلى داود يختصمان وذلك أن أغنام أحدهما رعت ليلاً في زرع الآخر فأتلفته فحكم داود لصاحب الزرع بأخذ الأغنام، لكن سليمان اقترح حكماً أفضل، بأن يأخذ صاحب الزرع الأغنام فيربيها ويستفيد من لبنها وصوفها وفي أثناء ذلك يُعيد صاحب الغنم زراعة ما تلف وعندما ينتهي من ذلك بإمكانه استرداد غنمه فاستحسن الجميع حكمه وقبل الطرفان به

ومن ضمن قصص سيدنا سليمان الأخرى التي تبين حكمته وعدل قضائه قصة المرأتين المتنازعتين حول طفل ادَّعت كل واحدة منهما أنه طفلها وكانتا في بيت واحد وولدت كلا منهما طفلا فاضطجعت إحداهما على ولدها وهي نائمة فمات وعندما أصبحت وجدته على هذا الحال فأخذته ووضعته في حضن المرأة الأخرى من غير أن تشعر واستبدلته بابنها ولما صحت الأخرى اعتقدت في البداية أن ابنها مات لكنها تيقنت أنه ليس طفلها فتنازعتا فيه وقَدِمَتا إلى سليمان ليقضي بينهما، أمر سليمان فجاء السيَّاف فأمره بأن يشق الطفل نصفين ويعطي لكلا منهما نصفاً، فأمَّا مدعية أنها أم الطفل فقبلت حكمه وأما أم الطفل الحقيقية فرفضت وقالت له أعطيه لها خوفاً على ابنها من الموت، فعلم سليمان أنه ابنها فرده لها.

 

قصة سيدنا سليمان والنملة

وهَبَ الله سيدنا سليمان الكثير من المعجزات والقدرات فسخَّر له الرياح لتحمله أينما يشاء وكان عنده جيشاً من الإنس والجن والطير والدواب وكان يفهم كلامهم ويحادثهم حتى كلام النمل ويسرد لنا القرآن طرفاً من ذلك وهي قصة النملة مع الملك سليمان، فقد خرج بجيشه ذات مرة ولما مر على وادي للنمل إذا بنملة تصيح بأخواتها لكي يحتموا في جحورهن حتى لا يسحقهم جند سليمان وهم لا يشعرون بهم ولما سمع سليمان قولها تبسَّم وأعجب بما قالت لالتماسها العذر لجيشه فشكر الله على نعمه.

وتُورد السنة النبوية قصة أخرى وذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي أنه قال: “خرج سليمان عليه السلام يستسقي، فرأى نملة مستلقية على ظهرها، رافعة قوائمها إلى السماء، تقول: اللهم إنا خلقٌ مِن خلقك، ليس بنا غنى عن سقياك، فقال: ارجعوا، فقد سُقيتم بدعوة غيركم”. (رواه أحمد). وكان سليمان قد خرج مع الناس لصلاة الاستسقاء بعدما أصاب القحط مملكته ذات مرة فوجد هذه النملة تستسقي وأن الله تقبَّل دعائها فرجع.

ويذكر لنا بعض المفسرين قصصاً أخرى لسليمان مع النمل مثل قصة النملة التي تحملها ضفدعة في فمها إلى صخرة في البحر حيث توجد دودة عمياء تطعمها بحبة قمح تحضرها إليها. وقصة أخرى لسليمان الذي حبس نملة لعام في علبة مع حبَّات قمح ثلاث بعد أن قالت له أنها تأكل ثلاث حبات من القمح في السنة فلما فتح العلبة وجد أنها أكلت حبة ونصف وبرَّرت ذلك بأنها خشيت أن ينساها فاقتصدت في طعامها بينما لمَّا كانت طليقة كانت تعلم أن الله لن ينساها وهاتان القصتان لا يوجد ما يؤكدهما من القرآن والسنة.

 

أكاذيب الإسرائيليات

والإسرائيليات تذكر لنا أن طرفاً عمَّا يعرف باسم خاتم سليمان الذي نُسجت حوله قصص شعبية وأساطير فتدَّعِي أنه خاتم كان يسيطر سليمان به على الجن ويسخِّرهم وذات مرة استطاع جني منهم أن يحصل على الخاتم بالحيلة بعدما تنكر في هيئة سليمان وطردت الناس سليمان معتقدة أنه الجني فعمل صياداً وسقط الخاتم من الجني في الماء فالتقمته سمكة وإذا بسليمان يصطادها فلما شق بطنها وجد الخاتم فاستعاد ملكه. وهذا من جملة الأباطيل والأكاذيب الموجودة في الإسرائيليات وإن كان شعار خاتم سليمان المصور على شكل نجمة سداسية تعرف أيضاً بنجمة داود يُستخدم كشعار لليهودية

 

معجزات سيدنا سليمان

والقرآن يذكر لنا من معجزات سيدنا سليمان عليه السلام أن الجن لم يكونوا سوى مسخرين له في البناء وغيرها من الأعمال الشاقة وصنع القدور العظيمة والتماثيل ومنهم من كان يغوص في أعماق البحر ليحضر اللآلئ ومن كان يعصي أمر سليمان كان يكبله بالأغلال ويحبسه ومن نعم الله عليه التي ذكرها القرآن أيضاً أن الله أسال له عين القطر (النحاس) كما ألان الحديد من قبل لأبيه، فكان يصنع منه ما يريد ويورد لنا القرآن قصته مع الجياد التي كانت محل شغفه حتى ألهته ذات مرة عن الصلاة فقرر ذبحها.

 

هيكل سليمان المزعوم

أحد المسائل المثيرة للجدل التي تتعلق بسليمان هي بنائه “هيكل سليمان” المزعوم من قبل اليهود (الهيكل الأول) وهو أحد الأماكن المقدسة لديهم، حيث يعتقدوا أن النبي سليمان بنى المعبد اليهودي الأول لهم في القدس ويسمى عندهم معبد سليمان أو (بيت همقدش) أي بيت المقدس وكان سليمان قد بناه بدلاً من أبيه داود على هضبة موريا (هضبة الحرم) ويعتقد أن 180 ألف رجل شاركوا في بنائه والذي انتهى سنة 957 ق.م. وفق السرد اليهودي وقد تعرض الهيكل للتدمير خلال حصار نبوخذ نصر للقدس سنة 587 ق.م. وأعاد اليهود بنائه تحت مسمى الهيكل الثاني والذي دمره الرومان نهائياً سنة 70 ميلادية.

يؤمن اليهود أن المسيح سيعيد بناء الهيكل في نهاية المطاف وهم يعتقدون بوجود هيكلهم تحت المسجد الأقصى لذلك هناك دعوات من بعضهم لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل وبالرغم من الحفريات التي أجروها فلم يجدوا أي دليل على وجود الهيكل المزعوم.

أما المسلمون فيؤمنون أن سليمان جدد بناء بيت المقدس (المسجد الأقصى)، لكن ليس من المعروف تحديداً الباني الأول للمسجد الأقصى، إذا كان سيدنا آدم أو الملائكة أو شيث أو سام أو النبي إبراهيم لكن المؤكد في السُنة النبوية أنه بُني بعد المسجد الحرام بأربعين سنة وعن عبد الله بن عمرو عن النبي أنه قال: “لما فرغ سليمان بن داوود عليهما السلام من بناء بيت المقدس، سأل الله عز وجل ثلاثاً، أن يؤتيه حُكماً يصادف حكمه وملكاً لا ينبغي لأحد من بعده وأنه لا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فقال رسول الله أما اثنتين فقد أُعطيهما وأرجو أن يكون قد أعطى الثالثة”. (أخرجه النسائي).

 

قصة سليمان والهدهد

لعل أبرز ما جاء عن سيدنا سليمان قصته مع “بلقيس” ملكة سبأ وهي المملكة التي لها سورة باسمها في القرآن، فذات يوم خرج جيش سليمان المؤلَّف من الإنس والجن والدواب والطير وغيره فسلكوا واد من غير ماء وكان وظيفة الهدهد في جيشه أن يدُلَّهم على آبار الماء فطلبه فلم يجده حينئذ توعَّده سليمان بالعذاب الشديد أو الذبح لو لم يأتي بعذر مقبول.

بعدها جاء الهدهد وذكر له أمر غيبَتِه وذلك أنه كان في مملكة سبأ وهي إحدى ممالك اليمن القديمة فوجد أهلها يعبدون الشمس وتملكهم امرأة اسمها بلقيس لها عرش عظيم مزين بكل ما هو ثمين، حينها بعثه سيدنا سليمان بكتاب (رسالة) من عنده يدعوا ملكة سبأ وأهلها إلى عبادة الله والقدوم إليه مسلمين وأمره أن يُلقيه عليهم وكان ذلك بمثابة اختبار لصدق الهدهد.

 

قصة سليمان وبلقيس

طار الهدهد وألقى كتاب سيدنا سليمان على عرش بلقيس فلما قرأته جمعت رجال بلاطها تستشيرهم فيما جاء في الكتاب، حينها اغتروا بقوَّتِهم وعرضوا عليها القتال إن شاءت، لكنها كانت عاقلة وكانت تعلم أن الكتاب جاء من صاحب سلطان قوي وخشيت عليهم لو غلبهم ليجعل أعزَّتهم أذلة وعرضت على رجالها أن تبعث له بهدية عظيمة تطلب مودته فوافقوها ولما قدم رسلها بهديتها إلى سليمان رفضها معللاً أنه ليس بحاجة لها وعنده من نعم الله ما لا يحصى. ولكي يعلموا أنه ليس طامعاً في مملكتهم وحذرهم إن لم يقبلوا دعوته ليبعث إليهم جيشاً لا قبل لهم به فلما عاد الرُّسل أخبروا بلقيس بما حدث وبما شاهدوه من عظمة ملك سليمان فقررت القدوم إلى سليمان وتركت عرشها في سبأ.

أراد النبي سليمان أن يُرِيَ الملكة بلقيس عظمة ملكته وما وهبه الله من قدرة، فسأل حاشيته إذا كان من بينهم من يستطيع إحضار عرشها، فبرز له عفريت من الجن قال له أنه يقدر أن يحضر عرشها له في نصف يوم، لكن أحد رجاله من أهل الإيمان عرض عليه أن يأتيه بالعرش قبل أن يرتد إليه طرف بصره ففعل وذكر المفسرون أنه آصف بن برخيا ابن خالة سليمان وأحد رجاله المقربين.

ثم أمر سليمان أن يُغيِّروا معالم العرش حتى يرى هل ستتعرف عليه بلقيس أم لا ولما حضرت سألها إذا كان هذا عرشها فقالت: كأنه هو لأنها متيقنة أنها تركت عرشها في سبأ وكان سليمان قد شيَّد لها قصراً من زجاج فلما دخلت عليه حسبت أنه حوض من ماء فكشفت عن ساقيها فأخبرها سليمان بأمره وأمام كل ما شاهدته بلقيس أيقنت أن سليمان نبي من الله فآمنت به مع قومها وقيل أن سليمان تزوجها وأقرها ملكة على سبأ.

 

موت سيدنا سليمان

وقد توفي سيدنا سليمان عليه السلام وعمره 52 سنة ويقال أنه دفن في بيت المقدس وقد حضرته الوفاة بينما هو متوكئ على عصاه داخل محرابه ولم يكن لأحد أن يكلمه إلا إذا بادره بالكلام، لذلك ظل الجن يعملون لمدة عام في الأعمال التي سخرهم فيها دون أن يدروا بوفاته فكانت وفاته حجة ببطلان ادعائهم بعلم الغيب، حتى نخرت دويبة العصا التي كان يستند عليها فسقط وتبيَّن حينها وفاته للجن لتنتهي هنا قصة سيدنا سليمان عليه السلام لنستقي منها العبرة والموعظة الحسنة رفقة قصص الأنبياء الآخرين.

قد يعجبك أيضاً
أكتب تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك، ويمكنك إلغاء الاشتراك في أي وقت. حسناً قراءة المزيد