قصص أطفال قبل النوم

قصص اطفال

قصص أطفال قبل النوم

يحب كل الأطفال أن يستمعوا إلى قصص أطفال رائعة قبل النوم ليسرحوا بخيالهم بعيداً، لدرجة أنهم قد يشعروا بأنهم أبطال أي قصص أطفال جديدة وجميلة يستمعون إليها، وتزيد من معرفتهم وقد تَرسم تفاصيل مستقبلهم وطموحاتهم أيضاً، قبل أن يأخذهم النوم العميق بعد كل هذا التَّخيُّل والاستمتاع بكل تفاصيل قصص الأطفال التي تروى لهم قبل نومهم من قبل الأم أو الأب أو أي شخص آخر يُشرف على راحة الأطفال والعناية بهم.

قصة إزرع ما حصدت

في بلاد فارس البعيدة مملكة يسودها الهناء تحت حكم مَلكها، أرضها مخضرّة، سماؤها مُمطرة، ثمارها يانعة، هواؤها نقيّ، يعيش شعبها في كنف الطُّمأنينة والسّعادة، أرزاقه حاضرة، لا يأكل إلاّ أطيب الطّعام ولا يشرب إلاّ حلواً عذباً، تحيط بالملك حاشية مطيعة، وزراء مخلصون ومستشارون أمناء، كلّ هذا جعل من مملكة بلاد فارس مملكة آمنة.

في الصباح اعتاد الملك أن يأخذ حمّاماً قبل تناول وجبة إفطاره، وبينما هو يستحمّ، لاحظ أنّ جسمه يغطّيه بَرَص، ويكاد يصل إلى وجهه، فذُعر من الأمر، جمع كلّ الأطباء من داخل المملكة ومن باقي دول العالم من أجل شفائه، لكن لا أحد توصّل إلى علاج لهذا المرض الجلدي، فاستاءت حال الملك النّفسية، اعتزل رعيّته ولم يعد يغادر غرفته.

بعد شهر من هذا الحال، تأزّمت حال الملك أكثر، وليس هناك دواء بعد. فكّر وزراؤُه مليّا للبحث عن حلّ عاجل، الرّعية تفكّر في ملكها وحاله، يتمنّون له الشّفاء…

جاء رجل من أقصى بلاد اليونان بعدما سمع خبر مرض الملك، دخل المملكة، سأله الحراس عن هويّته، فأجابهم بأنّه طبيب حكيم، على دراية واسعة بعلوم الطّب وبالعلوم الأخرى، وأيضا خبير بطبّ الأعشاب.
أخبر الحرّاس الوزير الأوّل للملك بالرّجل اليوناني الّذي حلّ بمملكتهم، وأدرك الوزير ساعتها أنّه يمكن أن يقدّم شيئا بحكم أنّه قادم من بلاد العلوم. فسمح له بالدّخول إليه.

سأله الوزير: ما غايتك وما قصدك أيّها الطّبيب الحكيم؟

أجاب الطّبيب: وما غاية أيّ طبيب سِوَى أن يرى مريضه قد شُفي، أو أن يكون الشّفاء من السّقم على يديه. وقد سمعت بمرض الملك، فجئت بدواء يشفيه في رمشة عين من برصه.

أُعجِب الوزير من الثّقة التي يمتلكها هذا الطّبيب، فاتّجه إلى الملك وأخبره بالأمر، إلاّ أنّه ردّ مستاء: لقد مللت من هذا، أشهر الأطبّاء فَشِلوا فكيف ينجح هذا. استأت من وضعي، فإذا تمكَّن من شفائي سأهديه ما يريد، سأمنح له هدايا كثيرة، وسيكون طبيبي الخاصّ. أمّا إن فشل سَيُعدم ويُقطع رأسه ليكون عبرة للآخرين.

قَبِل الحكيم بالمغامرة والتزم بأمر الملك، وطلب من الوزير أن يتركه مع الملك لوحدهما ليباشر العلاج فوراً، خلع الملك لباسه، وكانت الطريقة عجيبة غريبة لا مراهم ولا زيوت عشبيّة، فقط الوصفة هي النّظر إلى البرص والتّركيز في البقع فتختفي!!!

في دقائق زالت كلّ البقع، وذهب البَرَص، اندهش الملك وكانت سعادته لا توصف أبدا، نظر إلى المرآة، جسمه صار صفيّاً نقيّاً، فقال: (يا حكيم مكانك من الآن فصاعدا معي، من هذه اللّحظة أنت طبيبي الخاص).

وأمر الملك بأغلى الهدايا للحكيم، وقرّبه منه فصار أنيساً جليساً صديقاً له، هنا بدأت الغيرة والحسد يدبّان إلى قلب الوزير، وشعر بأنّ مكانته بدأت تتزعزع، وأنّ الحكيم بات يشكّل له خطراً، ففكّر الوزير بخطّة ينهي بها حياة الحكيم، ويمحي أثره تماما.

قصد الوزير مجلس الملك، وقال له: (مولاي أريد أن أخبرك بشيء، إنّ هذا الحكيم جاء من بلاد اليونان، وقد يكون جاسوساً علينا).

قاطعه الملك قائلاً: (لكن يا وزيري، شفائي تمّ على يديه، ولو أراد بي مكروهاً لفعله لمَّا اختلى بي).

ردّ الوزير: (هي خطّة شرع فيها، ولو رأينا منه شيئا لشككنا فيه، لكّنه ولتنفيذ خطّته، قام بمداواتك، وبعدها سيُنهي خطّته بقتلك بالطّريقة التّي شَفَاك بها، بنظرة فقط).

اقتنع الملك بكلام وزيره، وطلب بإحضار الحكيم الذّي أراد أن يغيّر نظرة الملك إليه لكنه لم يستطع، فطلب منه أن يمنحه آخر أمنية ورجاء، وطلب أن يُرْجع به إلى بيته، ليُحضر كتاب العجائب والغرائب ويُهديه للملك.

وافق الملك على طلبه، وأحضر الكتاب، وقال له: مولاي، ستجد صفحة عنوانها دواء الموت، ضع رأسك عليها، وتمنّى ما تريد، سيتحقّق لك ذلك.

أخذ الحرّاس الحكيم لإعدامه، وظلّ فِكر الملك مع الكتاب ومع لغز تلك الصّفحة، شرع في تقليب الصّفحات، وكثير منها كان ملتصقا ببعضه البعض، فاستعمل ريقه ليفكّها، إلى أن وصل إلى الصّفحة المقصودة والمكتوب عليها (دواء الموت)، شعر ساعتها بحرقة في صدره، وألم شديد في بطنه، أحشاؤه تمزّقت فبدأ يصرخ ويصيح، إلى أن سقط أرضا ميّتا. فكان جزاء له أن سمع غدر وزيره، وقد كان مكتوباً في آخر هذه الصّفحة هذا جزاء الغدر، إزرع ما حصدت.

  • الموعظة من هذه القصة التي هي من ضمن قصص أطفال قبل النوم، أن مانزرعه اليوم سنجني ثماره غداً دون أدنى شك، فإزرع الحب والعمل الصالح في كل أعمالك وأبنائك لتجدهم ذخراً صالحاً لك مستقبلاً.

قصة الانتصار القذر

في أدغال السّافانا الأفريقية، تحت أشعّة الشّمس المُشرقة، كانت تعيش هناك غزالة اسمها ريم، وضفدعة تدعى نقناقة.

عُرفت ريم بجمالها ورشاقتها، وأيضا بسرعتها ومشيتها الجميلة، هذا ما جعلها تتعالى وتختال وتغترّ على الجميع.

أمّا الضّفدعة نقناقة فقد عُرفت بقُبح وجهها ورائحتها التي لا تطاق. فكانت محلّ سخرية الجميع، لكنّ التّواضع كان شًيمتها.

في كلّ صباح، تجلس نقناقة على حافة البركة لتقابل حيوانات السّافانا، يلتفون حولها، ويسمعون أحاديثها الشّائقة وما تأتيهم به من الأخبار وفي أوقات أخرى كانت تروي قصص أطفال قصيرة لأطفال الغابة.

وفي هذه المرّة كان معها الفيل الحكيم الّذي جاء بأخبار الإقليم وأرسل إليهم رسائل الملك العظيم الأسد ضرغام.

في صباح أحد الأيام، طلب الفيل الحكيم من كلّ الحيوانات أن يجتمعوا حول البركة؛ لأنَّه سيخبرهم بأمر من الملك ضرغام، التفَّ الجميع، أعلن الفيل أنّ ملكهم سيختار بين جميع الإناث الزّوجة المناسبة له.

(سأكون أنا العروس لا شكَّ في ذلك، لا أحد يصل إلى جمالي ورشاقتي أبدا) تقول الغزالة ريم.

نقناقة الضّفدعة تنظر إلى الغزالة بازدراء وتعجَّب: (تبدين واثقة من نفسك كثيرا).

تردّ ريم بتفاخر (من سمح لك بإعطاء رأيك؟! حيوان ذو رائحة نتنة كريهة!).

تدخّل الفيل الحكيم ليوقف الشّجار بين الغزالة والضّفدعة، فجأة الكلّ انحنى، إنّه الملك ضرغام. لقد انحنوا لتحيّته، ومن لم يفعل لن يتردّد الملك في قتله.

قال الملك الأسد: (من المؤكّد أنّ الفيل الحكيم قد أخبركم بنيّتي في الزّواج، واختيار شريكة حياتي. أدرك جيّدا أنّ كلّ إناث السّافانا تتمنّى أن تكون هي، ولديهنّ الفضول في معرفة اسم العروس، لذا سأخبركم على الفور من سيكون لها شرف أن تصبح زوجتي في وقت قصير).

وبالطبع، وبدون أيّ مفاجأة وكما كان متوقّعا من كلّ الحيوانات، اختار ريم الغزالة.

أضاف الملك: (سيقام حفل الزّفاف في يومين والجميع مدعوّ للحفل، ومن يتخلّف عن الموعد سيعاقب).

غضبت نقناقة غضباً شديداً، ومن المؤكد أنها لن تدع هذا الأمر يمرّ بسلام، تشجّعت وذهبت لرؤية الأسد ضرغام، مدّعية أنّ لديها ما تُخبر به ملكها.

قالت: (جلالة الملك) …

قاطعها الملك قائلاً: (إذا كانت معلوماتك حمقاء كاذبة، فتأكّدي أنّني سأجعلك لقمة طريّة).

ردّت بثقة عمياء: (بالطبع، أتيت لأراك وأحذّرك من شيءٍ مروع بشأن زوجتك المستقبلية ريم. كنت مختبئة في بركتي ، بين زنابق الماء للهروب من الحيوانات المفترسة، عندها سمعت حواراً بين ريم وشقيقتها غزال تشيد فيه غزال بنجاح صنعها السمّ، قائلة إنها قد تتمكن أخيراً من التّخلص من “الأحمق” الّذي سيكون قريباً صهرها.

قال الملك وقد تملّكه الغضب الشّديد: (وَيْحَك، أأنت مُتيقّنة ممّا تقولينه؟ هناك طريقة واحدة فقط للتّحقّق من زعمك هذا).

أمر الملك جنوده بالذّهاب إلى بيت ريم وأختها حين كانتا خارجاً، وفعلاً فقد وجدوا ذاك السّمّ، وقد كان سمّا ناقعاً، الأكثر فتكاً. وأمرهم بكتمان الخبر حتى لا تدرك عروسه أنّه تفطّن لمكيدتها.

في يوم الزّفاف، أمام جميع الحيوانات في السّافانا، طلب الأسد ضرغام فحص شرابه، فوجدوا السّمّ الشهير هناك. قام الملك بافتراس الغزالة ريم وتمزيقها، وشكر الضّفدعة نقناقة الّتي أصبحت أقرب أصدقائه.

لكنّ نقناقة لم يكن هذا مبتغاها الحقيقيّ بل كانت تطمح إلى أمر آخر، كانت تضمر المكر للملك، وتكيد له مكيدة، استلقت على أريكة الملك وهي سعيدة بانتصارها وبما فعلته، وبفضل رشاقتها وصغر حجمها قفزت على الطّاولة التّي وْضع فيها السّمّ وسكبت بعضاً منه في مشروب الملك دون أن يراها أحد، فتنهّدت وعادت لاستكمال فرحتها بانتظار الفرحة الثّانية والنّصر الجديد حين يشرب الملك من الكأس.

وفي غمرة سعادتها رأت ذبابة تحوم حولها فالتقطتها وكانت تلك الذّبابة قد شربت من كأس الملك أيضاً، ما هي إلاّ لحظات حتى لقيت نقناقة حذفها.

  • العبرة والموعظة من هذه القصة التي هي من ضمن قصص أطفال قبل النوم، أن النية الخبيثة والمكر السيئ يحيق بأهله، ومن حفر حفرة لأخيه وقع فيها.

قصة الحطّاب الفقير والعجوز

كان يا ما كان في قديم الزّمان فتى حطّاب حسن الوجه، جميل الرّوح، يعيش في كوخٍ وسط غابةٍ بعيدةٍ عن المدينة. في كلّ يوم يحتطب من الغابة ويتّجه إلى المدينة لبيع الحطب. وفي يومٍ من الأيّام، بينما كان ذاهباً كعادته إلى المدينة، وعلى ظهره رِزمةٌ من الحطب، سمع في الطّريق أنيناً ليس بالبعيد عنه؛ صوت امرأة عجوز، كانت قد وقعت على الأرض، ثيابها ممزّقة وعليها الغبار، والدّم يسيل من جرحٍ عميقٍ في يدها.

أسرع الفتى الحطّاب إليها، ورمى حمل الحطب عن ظهره، فنفّض الغبار عن ملابسها وسألها إن كانت تشعر بألم، فردّت عليه فقط بألم طفيف، قام الفتى وصبّ على جرحها ماءً كان يحمله ليشربه في الطّريق، ونظّف الجرح، ووضع عليه بعض الأعشاب المُفيدة، ولفّه بقطعةٍ نظيفةٍ من قميصه الأبيض.

سُرّت العجوز بصنيع الفتى الحطّاب، وأحبّت أن تردّ له بعضاً من جميله هذا بأن تجعله غنياً. فاستغرب الفتى من كلام العجوز واعتبره حلماً لا يتحقّق، إلاّ أنّه شكر العجوز ونهض ليتابع سيره، فاستوقفته، ثم أشارت إلى شجرة السّنديانة كانت هناك، وقالت له: (في جوف هذه السّنديانة أكبر كنـزٍ. وسأطلب إليك أن تصعد إليها، ثم تُفتّش عن مدخلٍ في جوفها، تنـزل منه إلى درجٍ، فتجد هناك ثلاث غرفٍ؛ في الغرفة الأولى يوجد فضّة، وقُرب الفضّة أسدٌ يحرسها. فإذا خفتَ أن يؤذيك، خُذ هذا المنديل وضعه على وجه الأسد، فيتحوّل إلى حيوانٍ وادعٍ أليف، وتأخذ الفضة.

أمّا إذا لم تعجبك الفضّة، ففي الغرفة الثّانية ذهب، يحرسه أيضاً أسدٌ قوي. فإذا أحببتَ الذّهب وخفت من الأسد أن يؤذيك، ضع المنديل على وجهه، وخذ الذّهب.

أمّا إذا لم يعجبك الذّهب والفضّة، ففي الغرفة الثّالثة ألماس ويحرسه أسدٌ أيضاً. ضع المنديل على رأس الأسد، وخذ الألماس).

ضحك الفتى الحطّاب وقال للعجوز مُداعباً: (وهل أستطيع أن آخذ الذّهب والفضّة والألماس جميعها؟).

(نعم) ردّت العجوز، (تستطيع أن تأخذ كلّ الجواهر، وعليك ألاّ تنسى قنديلاً في الغرفة الثّالثة أمام الأسد. خُذه، فسينفعك كثيرًا).

حمل الفتى حمله على ظهره وهو يضحك من قصة العجوز التي اعتبرها مثل قصص أطفال تروى لهم قبل النوم، فودّع العجوز واستأنف الطّريق من غير أن يفكّر جديّاً بدخول السّنديانة. غير أنّه، ما إن وصل إليها حتّى أغراه الفضول بالدّخول إليها، فقال في نفسه: (لماذا لا أجرّب؟ فإذا وجدتُ شيئًا، كان حسناً، وإذا لم أجد فلن أخسر إلاّ قليلاً من الوقت).

رمى حمل الحطب عن ظهره، وصعد السّنديانة، فوجد فيها باباً فدخله، فإذا أمامه درجٌ فنـزله، حتّى إذا انتهى إلى آخره، وجد أسدًا داخل غرفة مفتوحة الباب، شعر بالخوف للحظة إلَّا أنّ صِدق ما روته له العجوز شجّعه، فحمل المنديل ووضعه على وجه الأسد، فهدأ.

ثم تقدّم من الفضّة وجمع ما يحبُّ منها. دخل الغرفة الثّانية، وصنع بأسدها ما صنع بأسد الأولى، وأخذ ما استحسنه من الذّهب. وأكمل طريقه إلى الغرفة الثّالثة ورمى المنديل على وجه الأسد، ثمّ حمل ما وجد بها من الألماس، وقبل أن يهمّ بالانصراف تذكّر القنديل فتّش عنه، فوجده أمام الأسد، فأخذه بحذرٍ وسرعةٍ وخرج.

جلس الحطّاب تحت السّنديانة ومدّ بصره، فلم يجد أيّ أثرٍ للعجوز. ذهب إلى المدينة لكن هذه المرّة ليس لبيع الحطب وإنّما ليشتري لنفسه ثيابًا جميلةً، وأكلا طيّبا، بقي في المدينة يوماً وليلة إذ بات في أفخم فنادقها، وفي اليوم الثّاني بدأ يبحث عن قصر لشرائه، وكان قد وقع بصره على قصرٍ من أجمل القصور، فاشتراه، وفرشه بأجمل المفروشات، وأقام على خدمته الكثير من الخدم.

تبدّلت حياة الحطّاب من عسرٍ إلى يسرٍ، ومن ضنك العيش إلى رغده، وعرف الرّاحة والأمان، والزّينة والأسفار، وعاش حياة فيها كثير من الترف والبذخ، وظل يُنفق من الجواهر حتى لم يعد يملك شيئاً منها.

فحزن حزناً شديداً، وندم على ما فعل، وقرّر أن يعود إلى كوخه في الغابة، طالما أنّه لم يعد يملك شيئاً.
وخطرت في باله خاطرة، سرعان ما وجد نفسه بعدها يفتش عن القنديل، فأخذه بيده، وفكّر أن يذهب به إلى السّوق ليبيعه. غير أنّه رأى أن ينظّف القنديل أوّلاً لوجود بعض الغبار عليه.

أخذ منديلاً ومسح به على القنديل، وفجأة ظهر أسد زأر زأرة قويَّة، ثمّ أَحنَى رأسه وقال للحطّاب: (مُرني يا سيّدي بما تريد، أنا في خدمتك، ألبّي لك كلّ أمنياتك).

اندهش الفتى وارتعد خوفاً لكنّه شعر بالطّمأنينة لمّا عاد وفكّر بما قالته له العجوز فلملم أنفاسه وقال للأسد: (أريد جواهر وأموالاً كثيرة).

واختفى الأسد بُرهة، ثمّ عاد ملبّياً للحطّاب كلّ ما تمنّاه، جاء حاملاً الجواهر والأموال. ففرح فرحاً شديداً، وعادت حياة اليسر من جديد.

لكن هذه المرّة تعلّم الفتى ممّا جرى له سابقاً، وقطع عهداً على نفسه ألاّ يُضيّع المال سُدى فلا يصير هباءً منثورا، بل سيتصدّق به على الفقراء والمساكين، ويساعد به المحتاجين وكلّ من يطلب منه عونا. فشعر بسعادة وهو يقوم بهذا العمل، وبسعادة أكبر لمّا كان يرسم الابتسامة على وجوه العائلات الفقيرة.

  • ونستفيد من هذه القصة التي تُروى ضمن قصص أطفال قبل النوم، بأنه يجب علينا الحفاظ على النِّعم التي أعطاها الله سبحانه وتعالى لنا وأن لا نضيّعها في أشياء غير مهمة وأن نساعد الفقراء والمحتاجين.

قصة حُسن الظَّن بالله

في إحدى القرى العربيّة الجميلة، بين وديان الماء والمروج سكن رجل غنيّ يملك ما لا يُحصى من الأراضي الخصبة والأبقار والأغنام والخدم. عُرف ببخله وشحّه وحبّه اكتناز المال. كان لا يتصدّق إلاّ نادرا ويعامل خدمه بقسوة كبيرة، له ثلاث نساء أنجبن له أكثر من سبع إناث، وهذا الأمر يزعجه كثيرا؛ لِمَن سيترك كلّ ماله وثروته؟ ومن سيدير زمام الأمور من بعده؟ كلّ هذه التّساؤلات دفعت به إلى التّفكير في إعادة الزّواج ليكون له خليفة من بعده.

إحدى خادماته كان لها ابنة شابّة جميلة رقيقة المشاعر، فاختارها الرّجل زوجة له، علّها تنجب له ما يرجوه، وافقت أمّها على طلب سيّدها دون تفكير، لأنّها تدرك مصيرها إن رفضت أو مانعت، فقانون البيت هو الامتثال لأوامر سيّدها ضماناً لبقائها وابنتها على قيد الحياة. وافقت والألم يكسر قلبها.

أَوْكَل الرّجل المتغطرس أمر الفتاة المسكينة لزوجته الأولى؛ كانت تعاملها معاملة قاسية، وتطيع كلّ ما يطلبه منها الزّوج البخيل الّذي حَرَمَ أهل بيته من الأكل، وإن أطعمهم فهم لا يشبعون.

كانت الفتاة واعية جدَّاً بظروف أُمّها وظروفها القاسية، كما كانت تعلم مدى بخل وشحّ الزوج، ومع ذلك لم تتمكّن من كبح جماح الجوع الّذي سيطر على كلّ تفكيرها، لم تستطع الصّبر على ذلك وفكّرت في طريقة لسدّ رمقها، مهما كلّفها الأمر من عناء وربّما حياتها أيضا. فبحثت خارج البيت لأنها على دراية أنّ الكلّ سيفضح أمرها إن ذهبت إلى المطبخ أو بحثت عن أكل.

خرجت خلسة متّجهة نحو المروج البعيدة، والّتي عادة ما يقصدها الرَّاعي بالقطيع، بعد مشي مُضن بين الوديان، وصلت الفتاة متعبة منهكة، قصدت الرّاعي قائلة له: (جئت ألتمس منك معروفاً، إنّي أتضوّر جوعاً، لم آكل منذ أسبوع، نفذ صبري، فأرجوك ساعدني).

شعر الرّاعي بالشّفقة على الفتاة من جهة، وبالخوف من سيّده من جهة أخرى، فردّ عليها منبهراً مذعورا: (لكن يا بُنيَّتي، أنا لا أملك شيئا إلَّا هذا القطيع، وأنتِ تعلمين مدى شحّ السّيد فهو يتتبّع كلّ كبيرة وصغيرة عن القطيع، يتفقّده كلّما أعود به، كيف لي أن أجرؤ وأقوم بتلبية رغبتك، سيُكتشف أمرنا لا محالة؟!).

لكنَّها رَجَتهُ باكية متوسّلة، وعاهدته بكتمان السّر إن هو فعل ذلك.

فوّض الرّاعي المسكين أمره لله، أخذ خروفاً صغيراً نحره وتخلّص من كلّ محتوياته، جمع كومة صغيرة من الحطب أشعلها ثُمّ وضع فوقها اللّحم، أَكَلَت الفتاة بِنَهم وشراهة وشهيّة كبيرة، واغتسلت في الواد المجاور حتّى لا تترك أثراً لرائحة الأكل، وانصرفت لحال سبيلها مسرعة.

ولسوء حظّ الفتاة، فقد لاحظت كُبرى الزّوجات غيابها، فبعثت من ورائها إحدى الخادمات ترقب خطوتها وتنقل أخبارها، فنقلت الخادمة كلّ ما رأته وسمعته وبدورها أخبرت الزّوجة  الكُبرى زوجها بكلّ التّفاصيل.

جُنّ جنون الرّجل وغضب غضباً شديداً (كيف تجرُؤ وتُشهّر بي وسط القبيلة، وتفضحني وتقول أنّي بخيل ولا أُطعم أهلي. عَلَيَّ بها، سوف أنتقم لكرامتي وأتركها سخرية بين سكّان القبيلة كُلّها، سأتركها حديث العامّة والخاصّة، ستكون عبرة للأجيال القادمة).

طلب الرّجل البخيل من خدمه نحر أكبر عجل، وأمر طُهاته بتحضير ما لذّ وطاب من الأطباق، حتّى يتسنَّى له تنفيذ انتقامه الشّيطاني ضد زوجته؛ كان ينوي إجبارها أكل كلّ الطّعام الذي حضّر وجُهّز. طبعاً ذاك أمر مستحيل، سوف لن تستطيع فعل ذلك. سيقيّد يديها ورجليها، وترغمها الخادمة على الأكل. هذا هو انتقام الرّجل القاسي من زوجته المسكينة.

لمَّا سمعت الأمّ بالأذى الّذي سيلحق بابنتها حزنت وبكت وذهبت متوسّلة لسيّدها ليتراجع عن انتقامه، ويرأف بابنتها، لم يكترث بحالها، ولم تتحرّك فيه ذرّة رحمة وشفقة، بل أمر خدمه بوضعها في الكوخ الحقير المظلم مع ابنتها.

أخبرت الأمّ المسكينة ابنتها بما ينتظرها من انتقام، وهي تبكي بحُرقة، فمسحت الفتاة دموع أمّها قائلة: (لا تحزني يا أُمّي، كلّ أمر بيد الله، ثقتي وحسن ظنّي به يجعلاني مطمئّنة، فقد فوّضت أمري إليه، لعلّه يُحدث فرجا).

وفي هذه الأثناء، كان السيّد يتفقّد الطَّعام الّذي كانت تنبعث منه رائحة زكيّة لم يستطع مقاومتها، أخذ لقمة كي يتذوَّقها قبل الشُّروع في التّنفيذ. وبمجرد ما وضع لقمة الطّعام في فمه وأراد ابتلاعها، إذ علقت ببلعومه قطعة لحم أصابته بغصّة فاختنق وسقط أرضا يتخبّط، فلم تنفعه إسعافات خدمه فمات.

أُخرجت الفتاة وأمّها من الكوخ، وشكرتا الله على أنّه أنقذهما، وبعد أشهر وضعت مولودها الذّكر، وصارت سيّدة البيت مالكة كُل ما فيه، وعزمت على ذبح عجل وتوزيعه على كلّ فقراء ومساكين القرية في اليوم الذي كادت أن تفقد فيه روحها.

  • العبرة من هذه القصة التي هي من ضمن قصص أطفال قبل النوم، أن من يجعل الله نصب عينيه دائما ويتَّقي الله في نفسه وفي كل أعماله، فإن الله لن يخذله وهو حسبه.

قصة صالحة وغبرة

كان يا ما كان في قديم الزّمان، في قبيلة بعيدة جدَّاً، لا تَصِل إليها إلَّا وقد استنفذ منك كلّ شيء، لا مؤونة تكفي لإخماد نار الجوع، ولا ماء يَبقى يروي ظمأ السّير وحرّ الجو، والعجيب في الأمر أنَّ هذه القبيلة تُغيّر خريطة الطَّريق إليها في كلّ مرَّة، فالطَّريق الَّذي تسلُكُه إليها هو ليس نفسه طريق عودتك.

كلُّ هذا كان بفعل ساحرة تدعى غبْرة، كانت غبْرة مالكة البلاد والعباد، سِحرُها يأتي على كلّ شيء فيفتِكُ به، في قلبها حقد وكراهيَّة، وفي المقابل، في الضّفّة الأخرى من هذه القبيلة، تعيش هناك امرأة طيّبة اسمها من صفاتها وأخلاقها، إنّها صالحة، المرأة الطّيبة الجَوَّادة، تعطي بيديها ولسانها، كرمها لا يعدّ ولا يُحصى، كانت تملك بستاناً به خيرات كُثُر، كأنَّه جنَّة؛ تتصدَّق منه على المسكين، وتجود به على اليتيم وعلى عابري السّبيل.

صالحة هي ألذُّ أعداء غبرة، حاولت بكلّ أنواع السّحر أن تتخلَّص منها، وتهلك أرضها المعطاءة، لكنّ الله كان حافظاً لها، مرّت الأيَّام والأشهر، والحِقد يكبر ويملأ قلب غبرة، والحسد كالنّار تأكل الأخضر واليابس، تأجّج هذا بعد أن رُزقت تلك الصَّالحة بتوأم كالقمر في البهاء، وكالشَّمس في حُسن الوجه وضيائِها، غبرة كانت امرأة عقيماً، يستحيل عليها أن تشعر بإحساس الأمومة، لعلّ هذا أيضا جعل قلبها كالحجارة أو أشدّ قسوة منها.

وفي ليلة كانت شديدة السَّواد، جمعت غبرة كلَّ شياطينها، أمرتهم أن يجعلوا بستان صالحة رماداً منثورا، لا رزقاً لولديها، لا ثمرات لأهل قريتها، ولا كلأ لبهائمهم. بعد بُرهة عادوا خائبين فقال كبيرهم: مولاتي، لقد وجدنا جنوداً يحرسون البستان، فلم نستطع دخوله، عذراً منك.

عادت غبرة إلى مضجعها وهي تعضُّ يدها خيبة، ظلَّت طوال اللَّيل تفكّر في خطَّة تقضي بها على صالحة، إلى أن اهتدت إلى حيلة ماكرة، فضحِكَت وقالت: غدا يا صالحة ستبكين دما، وسينفطر قلبك أسى وحزناً، فانتظريني إذن…

في الصباح الباكر استيقظت صالحة، تفقّدت رضيعيْها، فإذا بقلبها ينفطر حقَّاً، لم تجدهما، إنها غبرة، هذا ما قالته وهي تجهش بالبُكاء. سمع أهل القبيلة بما جرى، حزنوا على مُصابها، لكنَّهم وقفوا وقفة واحدة للبحث عن الرَّضيعين، وطرد غبرة من قبيلتهم نتيجة أفعالها الشّريرة. اتجّهوا إلى بيتها، فإذا بصوت الرّيح يُسمع، لا أحد هنا، غبرة هربت…. إلى وجهة مجهولة.

رفعت صالحة أكفَّ الدُّعاء إلى ربِّ المظلومين، وهي على يقين أنَّ دعوتها لن تُردَّ أبدا، وليس بينها وبين الله حِجَاب.

أخذت غبرة الرَّضيعين، وشدَّت طريقاً طويلاً لا تعرف عنوانه، ولا نهايته. أيَّام بل أسابيع من المسير المُضنِي، في كلّ قبيلة حلَّت بها إلَّا وحلَّ معها الفساد والمُكر وضنك العيش، قبيلة أولى كانت تعيش في رغد وسعة رزق، لمَّا حلَّت بها أصاب أهلها الفقر والجوع.

وقبيلة أُخرى عمَّها النَّحس، إلى أن وصلت إلى قبيلة القاضي العادل فاروق، ذاك القاضي الَّذي لا فرق عنده بين الغنيّ والفقير، ولا بين الكبير والصَّغير، القاضي فاروق على فَراسة وعِلم، لأنَّه كان يحيط بعلماء يخدمونه ويقضون حاجاته في خير.

أُعجبت غبرة بالقبيلة وبحاكمها، فمكثت بها أيَّاماً، تغيَّرت أحوال النَّاس، عمَّت الخصومات والفتن بينهم، الغنيُّ يأكُل رزق الفقير، والكبير يحقر الصَّغير، فكثرت الشكاوى إلى القاضي فاروق.

جلس القاضي يفكّر في أمر رعيَّته، وما يجري من حوله، فاستدعى مستشاريه، وسألهم عن السَّبب وراء ذلك، فقال له أحدهم: أيُّها القاضي العادل، منذ أيَّام حلَّت امرأة عجوز غريبة بيننا، بشعة الوجه، شرّيرة الملامح، معها رضيعان، منذ مجيئها والمشاحنات والمشاجرات بين أهل القبيلة، فقد زرعت بينهم البغض والكراهية. فردَّ القاضي قائلا: لا أُحبُّ أن أظلم أحدا، نادوا هذه المرأة لأرى في أمرها، وأسمع حكايتها، فإن كانت امرأة تطلب يد العون جعلناها ضيفة وأكرمناها، وإن كانت خبيثة أقمنا عليها الحدّ.

حضرت غبرة إلى مجلس القضاء، فسألها القاضي عن نفسها، وعن سبب مجيئها إلى هذه القبيلة، غبرة كانت داهية ذكيّة، فرّدت بكلّ ثقة: هربت مع رضيعيَّ من الجوع والقَحط الَّذي أصاب قبيلتي، فلم أجد قوتاً لي ولهم، جئت إليكم أطلب العون والاستقرار، وإن رفضتم هذا، سأبحث عن ملجأ ومأوى آخر.

أشفق القاضي على الرّضيعين، فاتّجه صوبهما، فإذا به يندهش لما رآه، وجهان منيران كالسّراج، ووجه غبرة مظلمٌ مسودٌّ كاللَّيل. سألها: غريب والله، ليس بينك وبينهما أيّ شبه. أنت عجوز وهذان رضيعان بعد، ليسا بولديْك أبدا. سأرسل من ينظر في أمرك.

أرسل القاضي حارسه الأمين ليتقصَّى حقيقة العجوز غبرة، وحين عودته قام بحبسها وترك الرّضيعان معه، منتظراً الأخبار. مع السّاعات الأولى للفجر، عاد الحارس محمَّلا بحكاية غبرة وحكاية الرّضيعين أيضا، وحكاية النَّحس الَّذي كان يصيب القبائل التي حلَّت بها.

وطلع الصَّباح بإشراقة بهيَّة لم يعرفها منذ أن حلَّت غبرة بالقبيلة، عاد النَّاس في صفاء.

دَعَا القاضي ومعه حاشيته غبرة، وأخبرها بأنَّه عرف حقيقة أمرها، وكيف حرمت صالحة من فلذة كبدها، وأيضا أذِيَّتها لها.

فقال القاضي: كما تُدين تُدان، وقد حان وقت جزائِك ومحاكمتك، فاختاري ما بين أن تكوني خادِمة لصالحة أو أن تبقي في زنزانة برج القلعة. فاختارت السّجن الَّذي مرضت فيه وماتت بعدها.

ساعتها عادت الأمور إلى مجراها الطَّبيعي، بعد أيَّام من الحادثة حمل القاضي الرَّضيعين وعاد بهما إلى الأمِّ صالحة، فكانت سعادتها لا تُوصف، عادت الحياة إليها، والفرحة إلى قلبها، والبسمة إلى مُحيَّاها. وعاد الهدوء والطُّمأنينة إلى قبيلتها.

  • خلاصة الفائدة من هذه القصة التي هي إحدى مجموعة قصص أطفال قبل النوم، أن الشر مهما كانت قوَّته فهو لن يحرك شيئاً في أصحاب الخير إلا بإذن الله تعالى، وأن الحق ينتصر ولو بعد حين.

وأخيراً وليس آخراً ها نحن نُنهي ما قدمناه لكم من قصص أطفال قبل النوم مكتوبة وهادفة وجديدة تماماً من موقع مجمل على أمل أن نرى آراء جميع القراء بخصوص أي قصة من قصص الأطفال المكتوبة هنا لنعمل على تحسينها وكتابة قصص جديدة للأطفال.

كما يمكنكم الاطلاع على مقالة: قصص الأنبياء التي تناسب الأطفال والكبار كذلك.

قد يعجبك أيضاً
أكتب تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك، ويمكنك إلغاء الاشتراك في أي وقت. حسناً قراءة المزيد