قصة سيدنا عيسى
قصة سيدنا عيسى عليه السلام
قصة سيدنا عيسى عليه السلام كاملة، هو عيسى أو عيسى بن مريم ولقبه المسيح ويعرف في اليهودية باسم يشوع وفي المسيحية باسم يسوع وهو نبي ورسول من أولي العزم بُعث سلفاً للنبي محمد ﷺ بكتاب جديد وهو الإنجيل.
وقد جاء ذكر اسمه (عيسى) صريحاً في القرآن 25 مرة وبلقب بن مريم 23 مرة وبلقب المسيح 11 مرة وبضمير المخاطب 48 مرة وبضمير المتكلم 35 مرة بالإضافة إلى بعض صفاته وغيرها من المصطلحات العلائقية ليصل مجموع ذكره بشكل مباشر أو غير مباشر أكثر من 187 مرة في 93 آية وهو ما يعكس أهمية المسيح في القرآن.
يُؤمن المسلمون أن عيسى بن مريم نبي ورسول ولد طاهراً بلا خطيئة وهو (كلمة الله) و(روح الله) ولد بكلمة الله “كن فيكون” بلا أب أي خلقه الله بالكلمة التي أرسل بها جبريل عليه السلام إلى مريم ونفخ فيها من روحه فخُلق عيسى بأمر الله وعيسى لم يُصلب ولم يُقتل وإنما رُفع إلى السماء وسيعود في آخر الزمان ليقتل المسيح الدجال ويعمر الأرض.
ولا يؤمن المسلمون بأي شكل من أشكال التأليه الذي يعطيه المسيحيُّون لعيسى وقد أكد القرآن الكريم في أكثر من موضع على ذلك خاصة في سورة مريم المسماة نسبة إلى أمه والإيمان بكافة الأنبياء والرسل المنزَّلين من عند الله بمن فيهم عيسى من شروط الإيمان عند المسلمين.
كانت دعوة عيسى موجهة إلى اليهود وكان آخر أنبيائهم ومع ذلك لا يؤمن اليهود به ولا بكتابه الإنجيل لأنه في نظرهم ليس الماشيح (المخلِّص) الذي بشَّر به موسى من بعده وهم في انتظار الماشيح من نسل الملك داود الذي سيبشر بنهاية العالم ويخلصهم من شروره ويعيد بناء معبد سليمان.
معنى اسمه ولقبه
اسم عيسى مشتق من الاسم العبراني “يشوع” أي المُخلِّص واسم عيسى لم يرد في الإنجيل والكتاب المقدس وإنما ذُكر فقط في القرآن ولا يعترف به المسيحيون أو يتَسَمُّوا به وأما لقب المسيح فهو من الأصل العِبري “مشيحا” من “مشح” أي “مسح” ثم تحولت إلى ماشيح وتعني (الممسوح من الذنوب والخطايا).
وقيل سُمِّيَ بالمسيح لأنه كان مسيح القدمين لا أخمص لهما وقيل لمسحه (انتقاله) في الأرض بحسب القرطبي وهو لقب تشريفي بالنسبة للمسلمين يسبق عيسى بن مريم بينما تُعطِي اليهودية والمسيحية معاني أخرى للَّقب بالإضافة إلى ألقاب أخرى ليسوع.
نسبُه وأسرته
هو عيسى بن مريم بنت عمران بن ياشهم بن أمون بن منشا بن حزقيا بن أحزيق بن يوثم بن عزاريا بن أمصيا بن ياوش بن أحزيهو بن يارم بن يهفاشاط بن أسابر بن أبيا بن رحبعام بن سليمان بن داود عليهم السلام.
وقد كانت أمه التي تُعرف أيضاً باسم مريم العذراء ابنة لعمران وحنة بنت فاقوذا هباها الله لهما بعدما دعت حنة أن يرزقها الله ولداً وكانت عاقراً لا تلد وتوفي عمران قبل مولد مريم وكانت حنة قد نذرت أن توهب مولودها لخدمة المحراب في بيت المقدس إن رزقها الله به.
ولما حملت ظنَّت أنه ذكر لكن لما وضعت طفلها وجدته أنثى ومع ذلك تقبل الله نذرها ودفعتها حنة إلى علماء بيت المقدس لكفالتها وكان عمران رئيسهم من قبل فتنافسوا في كفالتها وفاز بها زكريا زوج أختها إيشاع بنت فاقوذا (زوج خالتها في تفسيرات أخرى) والذي بُشِّر لاحقاً بيحيى فكان زكريا بمثابة زوج خالة عيسى وكان يحيى وعيسى أبناء خالة والاستدلال على ذلك من حديث الإسراء والمعراج لما قابلهما النبي ﷺ في السماء الثانية.
فعن مالك بن صعصعة رضي الله عنه، أن نبي الله ﷺ حدَّثهم عن ليلة أُسْرِي به فكان مما قال: “ثم صعد حتى إذا أتى السماء الثانية فاستفتح، قيل من هذا؟ قال: جبريل قيل: ومن معك؟ قال: محمد قيل: وقد أُرْسِلَ إليه؟ قال: نعم قيل: مرحباً به، فنعم المجيء جاء. ففتح، فلما خلصت إذا يحيى وعيسى – وهما ابنا الخالة – قال: هذا يحيى وعيسى، فسلِّم عليهما، فسلَّمت، فردَّا، ثم قالا: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح”. (رواه البخاري).
وقد كرَّم الله آل عمران بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) وذلك في سورة آل عمران التي سُمِّيَت بذلك الاسم تكريماً لهم.
مَولِدُه
لعل قصة سيدنا عيسى عليه السلام ومولده أحد المسائل التي يُثار حولها الجدل وبينما تختلف الطوائف المسيحية حول تحديد يوم مولده فإن مولد عيسى بن مريم غير محدد في الإسلام والقرآن يُعطي وصفاً لولادته في سورة مريم دون تحديد تاريخ ومن خلال هذا الوصف استدل بعض المفسرين على أن ولادة عيسى كانت في الصيف بينما تعطي الكنيسة الغربية يوم 25 ديسمبر تاريخاً لمولده والكنيسة الشرقية يوم 7 يناير وكان مولده ببيت لحم بفلسطين وكانت آنذاك جزءاً من مقاطعة يهودا الرومانية.
يتناول القرآن قصة سيدنا عيسى قبل ولادته بمقدمة رُوِيَت عدة مرات تصف أولاً ولادة أمه مريم وخدمتها في بيت القدس، بينما كانت تحت رعاية ووصاية النبي زكريا، أبو النبي يحيى ثم تبشير الملائكة لمريم بأنها ستلد نبياً وجهياً (معروفاً) اسمه عيسى يُكلم الناس في المهد وهو ما تعجبت له مريم وتساءلت عن كيفية إنجابها دون أن يمسسها بشر وجاءها الرد بأن الله قادر على كل شيء.
ولما جاء مريم المخاض وشعرت بآلام الولادة، خرجت في البرية عند جذع نخلة وخافت حينها وتمنت الموت لأنها تعرف ما الذي ينتظرها في تلك الحالة لكن جاءها منادياً (قيل صوت جبريل وقيل صوت عيسى) أن تطمئن ولا تحزن وفجَّر الله من تحتها ماءً تشرب منها، كذلك أوحى لها أن تهز جذع النخلة ليسقط عليها رطباً تأكل منه (وهو ما استدل به بعض المفسرين على أن ولادة سيدنا عيسى كانت في الصيف حيث ينضج التمر في ذلك الوقت).
ولما وضعت مريم ابنها حملته إلى كهنة بيت المقدس فلما رأوها تحمله، أنكروا عليها ذلك فلزمت الصمت ولم ترد عليهم وإنما أشارت إلى عيسى ليكلموه، فقالوا لها: كيف نكلم صبياً في المهد؟ فرد عيسى عليهم كما جاء في قوله تعالى: (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33). سورة مريم.
كان تكلُّم سيدنا عيسى في المهد أولى المعجزات الست المنسوبة إليه في القرآن وكان مولده بلا أب يشبه مولد سيدنا آدم عليه السلام، قال تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ). سورة آل عمران-59.
صفات عيسى بن مريم ووصفه
ذكر القرآن الكريم عدة صفات لسيدنا عيسى بن مريم منها أنه نبياً مباركاً، وجيهاً في الدنيا والآخرة، باراً بوالدته وصالحاً. وقد جاء في السنة النبوية عدة أحاديث بها طرفاً من وصف عيسى بن مريم منها:
– ما ورد في حديث أبي هريرة في ذكر النبي لرحلة الإسراء والمعراج حيث قال ﷺ: “ولقيت عيسى عليه السلام. فنَعَتَهُ ﷺ، فقال: ربعة أحمر، كأنه أخرج من ديماس” (صحيح البخاري ومسلم). أي أنه رجل لا طويل ولا قصير لونه يميل إلى الحمرة كأنما خرج من ديماس وهو الحمام.
– ما ورد في حديث عبد الله بن عباس، عن النبي ﷺ لما أُسْرِيَ به أنه قال: “رأيت عيسى، وموسى، وإبراهيم، فأما عيسى فأحمر جعد، عريض الصدر”. (صحيح البخاري).
– عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: “وإذا عيسى ابن مريم عليه السلام قائم يصلِّي، أقرب الناس به شبهاً عروة بن مسعود الثقفي”. (رواه مسلم).
– عن عبد الله بن عمر، عن النبي ﷺ: “أرانِي اللَّيْلَةَ في المَنامِ عِنْدَ الكَعْبَةِ، فإذا رَجُلٌ آدَمُ كَأَحْسَنِ ما تَرَى مِن أُدْمِ الرِّجالِ، تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بيْنَ مَنْكِبَيْهِ، رَجِلُ الشَّعْرِ يَقْطُرُ رَأْسُهُ ماءً، واضِعًا يَدَيْهِ علَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ، وهو بيْنَهُما يَطُوفُ بالبَيْتِ، فَقُلتُ: مَن هذا؟ فقالوا المَسِيحُ ابنُ مَرْيَمَ”. (صحيح البخاري). رجل آدم أي أسمر واللمة هي الشعر إذا جاوز شحم الأذنين، رَجِلُ الشعر أي مشطه ودهنه.
الهروب إلى مصر
تذكر الأدبيات المسيحية وفقاً لإنجيل متى أنه لما ولد عيسى، رأى ثلاثة من المَجُوس نجماً في السماء في إشارة له وقد تبِعوا النجم حتى وصلوا إلى أرض يهودا حيث قابلهم هيرودس الأول ملك اليهود فأخبروه بأمر الطفل وهو ما أثار خشيته في أن يسلب هذا الطفل عرشه، لذلك أرسلهم إلى بيت لحم بعدما علم أن الطفل ولد هناك وطلب منهم أن يخبروه بمكانه تحديداً عندما يجدوه حتى يباركه بنفسه بينما هو يضمر شراً.
غير أن المجوس الثلاثة لما قابلوا المسيح وأسرته أعطوهم هدايا جلبوها معهم هي ذهب وبخور ومُر ورحلوا دون أن يخبروا الملك شيئاً، كما علمت عائلة المسيح بما يضمره الملك تجاه الطفل ففرُّوا به إلى مصر ولما علم الملك بذلك أمر بقتل كل الأطفال دون العامين في بيت لحم فيما سمي “مذبحة الأبرياء” وهو والد الملك هيرودس أنتيباس الذي أمر بقتل النبي يحيى.
وقد عادت أسرة المسيح من مصر إلى الناصرة بعد وفاة هيرودس الأول وظلت الأسرة في الناصرة حيث نشأ المسيح لذلك يُطلق عليه أيضاً يسوع الناصري ومنها جاء اسم النصارى الذي أُطلق على المسيحيين العرب قبل الإسلام ووُصِفوا به في القرآن.
هذه الرواية هي جزء من قصة سيدنا عيسى، إضافة إلى رحلة العائلة المقدسة إلى مصر وشخصية يوسف النجار (خطيب مريم بحسب المسيحيين) لم ترد في القرآن أو أحاديث السنة في حين يفسر البعض الآية 50 من سورة المؤمنون كما قال تعالى: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) أنه يُقصد بالربوة هنا مصر.
رسالة عيسى المسيح ودعوته
حسب قصة سيدنا عيسى في العهد الجديد بالنسبة للمسيحيين، لما أكمل المسيح 12 عاماً وهي سن البلوغ وفق اليهود آنذاك زار بيت المقدس مع أسرته وقد عمده يحيى (يوحنا المعمدان) في نهر الأردن ومن ثَمَّ بدأ دعوته وهو في سن الثلاثين. ويتفق المفسرون أن اللغة التي كان يتحدث بها المسيح هي اللغة الآرامية، لغة المنطقة آنذاك.
وقد جاءت دعوة المسيح في بني إسرائيل الذين عُرف عنهم تكذيب الله وآياته وتحريف الكتب وقتل الأنبياء وتاريخهم الطويل من العناد والجدل كما جاء في أغلب قصص الأنبياء، إضافة إلى جرأتهم على الله وتطاولهم ونكثهم الوعود وحبهم للمال وكان قليلاً منهم من يؤمن بالله.
فلما رأوا معجزات سيدنا عيسى وبلَّغهم بدعوته اتهموه بالسحر، كما جاء في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ).(الصف-6).
أقرَّ المسيح بشريعة موسى لكنه جاء بشيء من التخفيف لها ليُحِل بعض الذي حُرِّم على اليهود من قبل وقد كان بني إسرائيل ينتظرون قدومه كما بشرهم موسى من قبل فلما جاء عيسى بن مريم وأكد لهم أنه المسيح المنتظر بالأدلة، خافوا على مصالحهم وأنكروا دعوته وكما قتلوا الأنبياء من قبل، دبَّر بنو إسرائيل لقتل المسيح وكان آخر من قتلوه هو ابن خالة المسيح النبي يحيى وأبيه زكريا.
ولما أحس عيسى بكفرهم بدعوته، سأَل على أنصاره من بينهم، فخرج له الحواريون كما جاء في القرآن الكريم بقوله تعالى: (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ). (آل عمران-52).
والحواريون جمع حواري وسُمُّوا بذلك لأنهم كانوا يحورون الثياب أي يبيضونها ويعني بالحواريين الأشخاص المقربين من الأنبياء وعن جابر بن عبد الله أن النبي ﷺ قال: “إن لكل نبي حوارياً وإن حواري الزبير بن العوام” (صحيح البخاري).
وقد عاونوا عيسى بن مريم في دعوته وكانوا أخلص تلاميذه الذين أخذوا منه العلم والإنجيل وقد بلغوا اثني عشر وهم وفقاً للمسيحية يسموا رسل المسيح الاثنا عشر الذين بشروا به في باقي أنحاء الإمبراطورية الرومانية لاحقاً وهم:
- سمعان (بطرس).
- أندراوس.
- يعقوب ابن زبدي.
- يوحنا بن زبدي.
- فيلبس.
- برثلماوس.
- متى.
- توما.
- يعقوب بن حلفى.
- يهوذا تداوس بن حلفى.
- سمعان القانوي.
- يهوذا الاسخريوطي وهو التلميذ الخائن الذي أرشد السلطات الرومانية على مكان المسيح مقابل ثلاثين قطعة من الفضة ثم ندم بعد ذلك وقتل نفسه وبحسب المسيحيين، بعد (قيامة يسوع) اختار المسيح متياس بديلاً عنه ليكون ضمن جملة الإثني عشر تلميذاً.
ومما جاء في السنة النبوية عن دعوة عيسى بن مريم حديث مطوَّل ذكره الحارث الأشعري عن رسول الله ﷺ أنه قال: “إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل يعملون بهن وإن عيسى ابن مريم قال له: إن الله أمرك بخمس كلمات تعمل بهن وتأمر بهن بني إسرائيل يعملون بهن، فإما أن تأمرهم وإما أن آمرهم. قال: إنك إن تسبقني بهن خشيت أن أعذب، أو يُخسف بي. قال: فجمع الناس في بيت المقدس حتى امتلأ وقعد الناس على الشرفات، قال: فوعظهم، قال: إن الله أمرني بخمس كلمات أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن، أولاهن أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وإن مثل من أشرك بالله كمثل رجلٍ اشترى عبداً من خالص ماله بذهب أو ورق، قال هذه داري وهذا عملي، فاعمل، وارفع إلي. فجعل يعمل ويؤدي إلى غير سيده. فأيكم يسره أن يكون عبده كذلك وإن الله خلقكم ورزقكم فلا تشركوا به شيئاً.. إلى آخر الحديث”. (أخرجه الإمام أحمد).
معجزات سيدنا عيسى
جاءت معجزات سيدنا عيسى عليه السلام كما وردت في القرآن وعددها ست:
- التكلم في المهد.
- يخلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله.
- يُبرئ الأكمه والأبرص والأكمه المصاب بالعمى منذ صغره أو من لا يبصر نهاراً أو ليلاً والأبرص المصاب بداء البرص.
- يحيى الموتى بإذن الله.
- يخبر الناس بما في بيوتهم.
- إنزال مائدة من السماء على تلاميذه الحواريين والتي يربطها بعض المفسرين بالعشاء الأخير للمسيح مع تلامذته.
ولا يذكر القرآن هذه المعجزات بالتفصيل، بينما تسهب المسيحية في ذكر معجزات المسيح العديدة وتتناول بعضها بالتفصيل والتي جاءت لتأكيد دعوته وصدقه، إحدى المعجزات التي لا تقرها المسيحية هي تبشير عيسى بمجيء النبي محمد ﷺ من بعده كما جاء في القرآن الكريم بقوله تعاللى: (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ). (الصف-6).
الإنجيل
هو الكتاب الذي نُزِّل على سيدنا عيسى عليه السلام وأصل كلمة الإنجيل يوناني ويعني البشارة وقد نزل الإنجيل على عيسى بعدما حرَّف اليهود التوراة التي نزلت على موسى وتعرَّض الإنجيل بدوره للتحريف كما جاء بالقرآن.
رفع عيسى إلى السماء
لما شعر اليهود بخطر دعوة عيسى عليهم وخشوا من ازدياد اتباعه، عزموا على قتله بالاتفاق مع السلطات الرومانية التي حذروها من أن دعوته ستسبب الفتن والتمرد وكان أن اتفقوا مع يهوذا الإسخريوطي أن يسلمه إليهم مقابل 30 قطعة فضية لأنه يعرف الأماكن التي يتردد المسيح عليها ولما قُبض على المسيح بحسب رواية المسيحيين حاكمه بيلاطس النبطي حاكم مقاطعة يهودا الروماني وقرر في المحاكمة إعدامه صلباً وكان المسيح حينذاك في سن الثالثة والثلاثين.
يؤمن المسلمون حسب قصة سيدنا عيسى في الاسلام أن المسيح عيسى بن مريم لم يصلب ولم يقتل وإنما رفع إلى السماء كما جاء في قوله تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)). (النساء).
ويذكر بعض المفسرين بخصوص موضع “وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ” أن اليهود قبضوا على شخص آخر خُيِّل إليهم أنه المسيح وأشار البعض أنه ربما يكون يهوذا الإسخريوطي.
نزول عيسى عليه السلام
يؤمن المسلمون أن المسيح سينزل في آخر الزمان ونزوله أحد علامات الساعة الكبرى فيقتل المسيخ الدجال وينشر العدل كما أخبر النبي ﷺ في حديث أبي هريرة: “والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عادلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها”. (صحيح البخاري).
كذلك سيَلقَى المهدي المنتظر ويصلي خلفه، فعن جابر بن عبد الله أنه قال: “سمعت رسول الله ﷺ يقول: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيقول أميرهم: تعال صل بنا فيقول: لا، أن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله لهذه الأمة”. (صحيح مسلم).
وبحسب صحيح مسلم سيكون نزوله عند المنارة البيضاء شرقي دمشق وسيُدرك المسيخ الدجال عند باب لد في فلسطين فيقتله هناك أما عن المدة التي سيمكث فيها المسيح بعد نزوله إلى الأرض فاختلف حولها العلماء وإن ذهب أغلبهم إلى تقديرها بنحو أربعين سنة حتى يتوفاه الله ثم يصلي عليه المسلمون ويدفنونه في المدينة المنورة بالقرب من النبي ﷺ.
وبهذا تنتهي قصة سيدنا عيسى عليه السلام سائلين الله عز وجل أن نكون قد وفقنا في نقلها لكم في أوضح صورة وإن كانت لديكم أية استفسارات او تعليقات يرجى منكم كتابتها لنا ومشاركة هذه القصة على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة على الجميع.