قصة سيدنا آدم
قصة سيدنا آدم عليه السلام، هو أول الأنبياء ولقبه أبو البَشَر كونه أول بشري خلقه الله من تراب وتُمثِّل قصته في القرآن الكريم مواضيع بداية خلق الكون والإنسان وعصيان إبليس وإغواء آدم وزوجه حواء وعصيان البشر والطرد من الجنة والتوبة وإعمار الأرض وهي مواضيع هامة في العقيدة الإسلامية تبرز حقيقة بدء الخلق.
قصة سيدنا آدم عليه السلام كاملة
ذُكِر سيدنا آدم عليه السلام 25 مرة في القرآن الكريم أكثرها في سورة الأعراف (7 مرات) ووردت قصة سيدنا آدم في سبعة مواضع في سبع سور قرآنية بعضها بشكل تفصيلي والآخر بشكل ملخص ومواضع قصته في القرآن كالتالي:
- سورة البقرة من الآية (30) إلى (39).
- سورة الأعراف من الآية (11) إلى (25).
- سورة الحجر من الآية (26) إلى (44).
- سورة الإسراء من الآية (60) إلى (65).
- سورة الكهف في الآية (50).
- سورة طه من الآية (115) إلى (127).
- سورة ص من الآية (67) إلى (85).
وفي تاريخ خلق آدم جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: “أخذ رسول الله ﷺ بيدي فقال: خلق الله عز وجل التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة، في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل”. (صحيح مسلم).
وروى أبو هريرة أيضاً عن النبي ﷺ قوله: “خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلِقَ آدم وفيه أُدْخِلَ الجنة وفيه أُهْبِطَ منها وفيه تقوم الساعة “. إلا أنه من غير المعروف تحديداً في أي سنة خُلِق آدم أو تاريخ وفاته وأي منطقة استوطنها حينما هبط إلى الأرض.
وقد مرَّت عملية خلق آدم بخمس مراحل أولاً من تراب ثم من طين ثم من طين لازب أي شديد التماسك ثم من حمأ مسنون أي من طين جاف أسود منتن متغير وأخيراً من صلصال كالفخار فنفخ الله الروح فيه فصار إنساناً حياً وبعدما خلق الله آدم من التراب خلق من ضلعه حواء (أم البشر) وهو نائم لتكون زوجةً وسكناً له في الحياة.
هذا ولم يُشَر لها في القرآن باسمها صراحة ولكن أُشير إليها كزوجة آدم والحكمة في خلقها من ضلع آدم لأنها المنطقة التي تحمي القلب لتصبح المرأة أكثر لينة وعاطفة من الرجل وقد سكن آدم وزوجه الجنة في البداية.
حينما خلق الله آدم أنبأ الملائكة بأنه سيجعل خلقاً في الأرض يخلفون بعضهم تباعاً، تساءلت الملائكة عن ذلك الخلق الذي اعتقدوا أنه سيُفسد في الأرض ويسفك الدماء بينما هم يتعبدون لله فأجابهم الله بأنه يعلم الحكمة من خلق البشر وجاء ذلك في القرآن الكريم بقوله تعالى: “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ”. (البقرة – الآية 30)
فضَّل الله آدم على الملائكة وذلك بأن وهبه العلم كما وهبه القدرة على الاختيار عكس الملائكة المسخَّرة للعبادة فعلَّمه الله أسماء كافة المخلوقات ثم سأل الملائكة عن هذه الأسماء فعجزوا، فسأل آدم فأجاب وقد أمر الله الملائكة بالسجود لآدم لإظهار مدى مكانته عند الله فسجدوا جميعاً إلا إبليس والذي كان فيما مضى جنِّياً من العابدين لكنه أبى واستكبر السجود لآدم مدعياً بأفضليته على آدم الذي خُلق من تراب بينما خُلق هو من نار.
فاستحق بذلك اللعن والطرد من الجنة لكنه طلب من الله أن يمهله حتى يوم البعث مقسماً بجلالة الله وعزته على إغواء ذرية آدم وأنه سيقعد لهم الصراط المستقيم ومنذ ذلك الحين أصبح إبليس عدواً للإنسان وكان الكِبَر والغرور من أصل المعاصي.
أسكن الله آدم وزوجه الجنة وأباح لهما أكل طعامها فيما عدا شجرة نهاهما عن الاقتراب منها ومحذراً لهما من إبليس الذي راح يوسوس لآدم وزوجته حواء ويزين لهما أكل ثمار الشجرة التي ستجعل منهما ملكين مُخلَّدين في الجنة حتى نجح في إغوائهما فخالفا أمر ربهما وأكلا من الشجرة وكانت هذه أول معصية للإنسان بدافع الشهوة.
وعلى الرغم من عدم تحديد جنس تلك الشجرة في القرآن أو السنة النبوية يُشار في الموروث الشعبي إلى الجزء الأمامي البارز من الحنجرة باسم تفاحة آدم كاعتقاد قديم بأن ذلك الجزء كان قطعة من الفاكهة المحرمة التي تناولها آدم.
ولمَّا أكل آدم وحواء من الشجرة ظهرت لهما سوآتهما أي تكشَّفت لهما عوراتهما ولم تكن ملحوظة من قبل لهما فراحا يغطياها بأوراق الجنة خجلاً وهنا ناداهما ربهما وهما في تلك الحالة مذكراً إياهما بأمره الامتناع عن الاقتراب من هذه الشجرة فكان أن غضب عليهما وطردهما من الجنة جزاء عصيانه إلى الأرض لكنه تاب عليهما بعدما استغفر آدم ربه وبدأت عندها قصة سيدنا آدم وحواء على الأرض.
نزول سيدنا آدم وحواء إلى الأرض
من أهم أحداث قصة سيدنا آدم وحواء هي عندما هبطا إلى الأرض حيث تاها عن بعضهما حتى التقيا على جبل عرفات ومذاك بدأت حياة البشر على الأرض وكانت فطرتهم الوحدانية إلى الله تعالى وأنجبت حواء لآدم البنين والبنات وكان قابيل أول أبناء آدم ويذكر لنا القرآن قصته مع أخيه هابيل دون أن يشير لهما باسميهما صراحة وإنما ذكرا كابني آدم.
وقصتُهما أن كلاً من قابيل وهابيل تقدما إلى الله بقربان فقبل الله قربان هابيل لتقواه ولم يقبل من قابيل الذي أثار ذلك حنقه فحسد أخيه وطوَّعت له نفسه قتل أخيه فقتله فكانت أول جريمة قتل في التاريخ وأول معصية للبشر في الأرض بينما كان أكل ثمار الشجرة المنهي عنها أول معصية للبشر في السماء.
ولما قتل قابيل أخيه هابيل تركه مُلقى في العراء فبعث الله غراباً ليدفن غراباً ميت في الأرض ففعل قابيل مثلما فعل الغراب ومن هنا تعلم البشر دفن موتاهم من الغراب وجاء عن النبي ﷺ قوله: “لا تُقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه أول من سنَّ القتل”. (رواه عبد الله بن مسعود – صحيح البخاري)
بمعنى من استحدث وزراً أو معصية فإن عليه إثم من عمل بها إلى يوم القيامة وعلى ذلك فإن قابيل عليه نصيب من كل قتل بدون وجه حق إلى يوم القيامة ويُشار إلى قابيل بأنه الشخص الذي قتل سدس عدد سكان العالم آنذاك وكانوا ستة أشخاص حينها.
في رواية أخرى بخلاف ما ورد في القرآن أن حواء كانت تلد ابناً وبنتاً في كل بطن وبين البطن والأخرى سنتين وكان العرف أن يتزوج الابن من البطن الأولى من البنت من البطن الثانية ولما كبر هابيل وقابيل أراد آدم تزويج هابيل من أخت قابيل وكان اسمها (إقليما) كما يذكر بن جرير في كتابه تاريخ الرسل والملوك وتزويج قابيل من أخت هابيل (لبودا) إلا أن قابيل امتنع وكان يريد الزواج من أخته فأمرهما آدم بتقديم قربان إلى الله ومن يتقبل منه سيتزوج إقليما.
كان قابيل مزراعاً وكان قربانه أردأ ما لديه من ثمار أو زرع الأرض وقيل شعيراً بينما كان هابيل راعي غنم فقدَّم أفضل كبش لديه فقُبل قربان هابيل لأنه تَنَاسب مع شرط كونه ذبيحة دموية (حسب الإسرائيليات) بينما نزلت نار أكلت قربان قابيل ولم يتقبل منه، هنا غضب قابيل وتوعَّد أخيه الذي لم يواجهه بالمثل.
وكيفية قتل قابيل لهابيل محل اختلاف فيقال أن قابيل قتل أخيه بصخرة وهو نائم وآخرون قالوا أنه قتله بحديدة في يده ويُختلف أيضاً حول مصير قابيل بعد ذلك فيقال هام على وجهه في البرية ويقال نطحه ثور وهو واقف على قمة جبل فسقط وقد تناثرت أعضائه وقيل أيضاً أنه هرب بأخته إقليما إلى عدن باليمن وهذه الروايات والأقاويل مصدرها الإسرائيليات وكتب التراث فلم ترد في القرآن ولا السنة النبوية على ذلك النحو.
وقد حزن آدم على ابنه المقتول وابنه العاصي وبعد ذلك ولد له ابنه شيث وولد له آخرون لم يعرف عددهم تحديداً أو اسم أياً منهم وقد عمر آدم نحو ألف سنة أو أقل (930 سنة حسب التوراة) ويُعتقد أن طوله كان عظيماً ويعتقد البعض أنه دُفن عقب وفاته إما في الهند أو مكة أو في بلاد الشام وقد جمع آدم أربع خصائص ذلك بأنه أبو البشر خلقه الله بيده ونفخ فيه الروح وسجدت له الملائكة وعلَّمه الله أسماء كل شيء وقابله النبي ﷺ في السماء الأولى خلال رحلة الإسراء والمعراج.
وها هنا تنتهي قصة سيدنا آدم عليه السلام آملين أن تكونوا قد استفدتم منها بقدر استفادتكم من باقي قصص الأنبياء واستخلصتم معاني مفيدة ورائعة لتشاركوها مع كل أصدقائكم على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة على الجميع.