عجائب الدنيا السبع
عجائب الدنيا السبع بالترتيب فهي تُعد أعمالًا فريدة لا تتكرَّر على مر العصور والأزمان، فقد أنشأت العديد من الحضارات الكثير من المباني والقبور، وشيَّدت أبنية ومعالم عملاقة ومؤثرة في التاريخ البشري، وهو ما أدَّى بدوره إلى ظهور ما يمكن أن يُسمَّى بعجائب الدنيا السبع، وهي مبانٍ قديمة مثيرة للدهشة والإعجاب، وقد تم ضم تلك الإنشاءات معًا لتُشكِّل العجائب السبع القديمة حول العالم.
عجائب الدنيا السبع القديمة
هناك سبع عجائب قديمة مميزة ورائعة، أخذت الألباب والعقول من جمالها، وظلَّت قائمة لفترات طويلة من الزمن، ولا يزال بعضها قائمًا حتى الآن، وهي تُحف فنية لا يمكن محاكاتها من جديد، نظرًا لأن بناءها كان فريدًا، وهذه العجائب السبع كما يلي:
هرم خوفو (الهرم الأكبر)
يُعد الهرم الأكبر بالجيزة في مصر المعروف بهرم خوفو، من أهم عجائب الدنيا السبع، وهو الهرم الأكبر المميز معماريًّا، وهو الأثر الوحيد الذي لازال قائمًا بين العجائب السبع القديمة، وقد تم البدء في بنائه في عهد الفرعون “خوفو”، ولذا سُمِّيَ باسمه، واستمر العمل فيه مدة عشرين عامًا، وقد تم الانتهاء منه في عام 2560 قبل الميلاد.
ويحتل هرم خوفو المرتبة الأولى في عجائب الدنيا السبع على صعيد القِدَم والمكانة التاريخية، وقد اختلف الباحثون حول طريقة بنائه، لكونه يُمثِّل أعجوبة هندسية فريدة، وهناك العديد من التفسيرات المختلفة حوله، نظرًا لحجمه الهائل ودقَّة بنائه وظهوره بهذا الشكل الهرمي القادر على الصمود طوال هذه السنوات، وتشير إحدى النظريات التي قامت بتفسير طريقة بنائه، إلى أن نحو عشرين ألف عامل قد اشتركوا في بنائه وعملوا بجهدٍ مُضنٍ مدة عشرين عامًا حتى تم إنجازه.
ويعتبر هرم الملك خوفو واحدًا من بين ثلاثة أهرامات تم تشييدها على هضبة الجيزة. وهو الهرم الأكبر بينهم والأكثر روعة، وقد خُصِّص للملك خوفو وزوجاته، لأنه يضم الكثير من الممرات الداخلية والغرف، وقد قيل إنها جميعًا أُنشِئَت لتكون تابوتًا للفرعون وكل ما يمكن احتياجه في الحياة الآخرة (كما اعتقد الفراعنة). ويتشكَّل الهرم من عدد كبير للغاية من الكتل الصخرية ضخمة الوزن.
ولذلك يعتقد الخبراء أنه يتكون من 2.3 مليون حجر كبير، ويتعدَّى وزن الواحد منها أكثر من طنَّيْن، وقد وصل بعضها إلى خمسة عشر طنًا، وهناك اختلاف في الآراء حول الطريقة التي تم بها رفع الكتل الحجرية إلى تلك الارتفاعات الكبيرة، إذ يبلغ ارتفاع الهرم ما يقارب من 146 متر، ومع عوامل الطقس عبر العصور وتضرر قمته أصبح ارتفاعه 139 متر.
حدائق بابل المعلقة
حدائق بابل المعلقة هي إحدى عجائب الدنيا السبع، وهي حدائق مَلَكِيَّة خاصة بالملك نبوخذ نصر الثاني، وقد تم تشييدها في مدينة بابل بالعراق، وقد سُرِدَت الكثير من القصص والحكايات التي تُحكى حول هذه الحدائق وروعة بنائها، وهناك رواية منسوبة إلى المؤرخ اليوناني هيرودوت، تقول إن هذه الحدائق كانت مسيَّجة (مُحاطة) بجدران من الخارج يبلغ طولها نحو 90 كم، وقد بلغ سمكها نحو 24 مترًا، أما ارتفاعها فكان 97.5 متر، إضافة إلى أن جدرانها الداخلية كان مزوَّدة بالعديد من أماكن العبادة والقِلاع، وبعض التماثيل الذهبية.
وسواء كانت رواية هيرودوت صحيحة أم لا، فإنها تدل على أن هذه الحدائق كانت أعجوبة عصرها، ولا يوجد ما يماثلها على الإطلاق، وقد ظل الناس يزورونها ويدهشون من جمالها حتى ضربها الزلزال في القرن الثاني بعد الميلاد، حيث تهدَّمت وأصبحت أثرًا بعد عين.
تمثال زيوس
يعتبر تمثال زيوس أحد عجائب الدنيا السبع القديمة، وقد تم الشروع في بنائه ليكون تكريمًا للإله زيوس (حسب الاعتقاد اليوناني القديم) ونحَت التمثال الفنان اليوناني فيدياس ومعه فريق عمل للمعاونة في نحته، وكان ذلك في عام 432 ق.م بمدينة أوليمبيا اليونانية، وتم اختيار أحد المعابد اليونانية ليُنحت التمثال داخله، فبلغ ارتفاعه 12 مترًا ووُضِعَ على قاعدة خشبية عملاقة.
وتم استخدام العاج والذهب لتشكيل جسد التمثال، والذي يحمل في يده اليُمنى تمثالًا صغيرًا لما يُعرف بآلهة النصر الإغريقية (بالإنجليزية تُسمى نايك: Nike)، وباليد اليسرى يحمل صولجانًا تم ترصيعه بكل المعادن، في حين كان العرش الذي يجلس إليه عبارة عن مزيج من الأحجار الكريمة، وخشب الأَبَنُوس، وبعض الذهب.
هيكل آرتميس
هيكل آرتميس هو أحد عجائب الدنيا السبع، ويرجع تاريخ بنائه إلى القرن السادس قبل الميلاد، أي في العصر الهلنستي، ولا يوجد منه حاليًا سوى البقايا التي شكَّلت أساسه أو قاعدة الهيكل، والذي تم بناؤه في مدينة تُسمَّى أفسس (أو إفسوس) وهي تقع في تركيا الآن، ومع ذلك فإن مُتحف لندن في بريطانيا يضم أجزاءً منه أو بعض البقايا.
وقد صُمِّمَ هيكل آرتميس من الرُّخام النقي، وضم داخله عددًا كبيرًا من الأعمدة العملاقة، وهذا بخلاف الأعمدة المحيطة به من الخارج والتي وصل عددها إلى 36 عمودًا، وقد أُعيد بناؤُه مرات كثيرة، ولعل أوَّلها كان في القرن الثاني قبل الميلاد.
ضريح موسولوس
ضريح موسولوس هو أحد عجائب الدنيا السبع، وقد جرى إنشاؤُه بعد عام 367م بمدة قصيرة، ويروي البعض أن سبب تسميته أنه يرجع إلى الحاكم موسولوس الذي حكم إقليم “كاريا” والمؤسس الرئيس لمدينة هاليكارناسوس (وهي مدينة واقعة في تركيا الآن)، إذ قام بتشييده ليكون مدفنًا جنائزيًّا له بعد موته، باعتبار أن ذلك يمثل مكافأة له على تأسيسه هذه المدينة.
ويضم ضريح موسولوس ثلاثة أشياء رئيسة، ألا وهي: قاعدة ضخمة تحوي داخلها على حجرة الدفن أو المقبرة، والهرم الذي يشتمل على 24 درجة، والأعمدة التي وصل عددها إلى 36 عمودًا من الطراز الإيواني. وكان ارتفاع الضريح عن الأرض يُقدَّر بنحو 43 مترًا، وتمت زخرفته وتزيينه بكثير من النقوش الفريدة التي تحمل في طيَّاتها معانٍ رمزية متعددة، مثل: الصَّيد، والتَّضحيات، والمعارك الكبيرة.
تمثال رودس
وهو أحد عجائب الدنيا السبع، وهو أطوال التماثيل وأضخمها خلال العصر الهلنستي، يُنسب إلى جزيرة رودس اليونانية التي أُنْشِئَ فيها، وهي تمتلك أهمية تجارية واقتصادية كبيرة. وهناك قصة تخص إنشاء هذا التمثال، وتتمثل في أن القائد المقدوني أنتيجونوس قد أرسل قواته من أجل معاقبة رودس بسبب تحالفها مع ملك مصر بطليموس الأول، وقد استَعَرت الحرب بين الجانبين عامًا كاملًا.
فبعث بطليموس الدعم والإغاثة لرودس، ومن ثَمَّ انهزم جنود أنتيجونوس البالغ عددهم 40 ألفًا من المقاتلين، وقد خلَّفوا وراءهم أسلحتهم وكل عتادهم، فما كان من أهل رودس إلا أن باعوا كل ذلك من أجل إنشاء تمثال ضخم لكي يكون نوعًا من الشكر لآلهتهم على هذا النصر (وذلك حسب اعتقادهم وزعمهم) ومن ثم أُنشئ تمثال رودس، والذي ظل صامدًا طويلًا قبل أن ينهار إثر زلزال مُدَمِّر.
منارة الإسكندرية
تُعتبر منارة الإسكندرية آخر عجائب الدنيا السبع التي تم تدميرها، إذ تأثرت أيضًا ببعض الهزَّات الأرضية التي أصابتها في النهاية وحطمتها. وتقع منارة الإسكندرية فيما يُعرف بجزيرة “فاروس” ضمن حدود محافظة الإسكندرية بجمهورية مصر العربية. وتعود فكرة المنارة إلى بطليموس الأول، فقد كان صاحب فكرة إنشائها، غير أن الموت لم يُمهله طويلًا ليقوم بها ويراها قائمة أمامه، ولذا تولَّى ابنه من بعده الأمر وشرع في أعمال البناء.
وقد استمر العمل فيها مدة قُدِّرَت بــ 33 عامًا، وبتكاليف مالية ضخمة وميزانية عالية، وقد وصل ارتفاع المنارة بعد انتهاء أعمال التشييد 91.44 م، وهذا يعني أنها كانت واحدة من أطول المباني التي شيَّدها الإنسان على الأرض. وتمثلت فائدتها العظمى في أنها كانت تُضاء بشكل يومي في كل ليلة، وذلك عن طريق إشعال النار في قِمَّتها، مما يجعلها تُنِير لمسافات طويلة.
العوامل المؤثرة فيها
من العجيب أن تلك المعالم لم تَعُد كُلها موجودةً إلى يومنا هذا، فهناك معالم قد تأثرت بمجموعة من العوامل المختلفة مما أثَّر على وجودها، والبعض منها ما زالت قائمةً إلى الآن. ومن أبرز العوامل التي أثرت في عجائب الدنيا السبع القديمة، الأسباب التاريخية والأحداث المتلاحقة في بعض العصور، سواء الحروب، أو العوامل الطبيعية مثل الزلازل وعوامل التعرية والطقس، وعمليات النهب والسرقة والتخريب، وغير ذلك من العوامل، غير أن تلك العجائب لا تزال حاضرةً في المُخيِّلة سواء الباقية أو التي اندثرت.
هذه هي عجائب الدنيا السبع، وهي إنشاءات حضارية تمتلك رصيدًا كبيرًا من العراقة والتاريخ، لتصبح شاهدة على العصور المتعاقبة، وسواء ما زالت باقية أو تهدَّمت، فإنها أصبحت جزءًا من البناء الحضاري للأمم، وميراثًا للإنسانية كافة.