دعاء يوم الجمعة
دعاء يوم الجمعة هو من أجمل الأدعية ومن أفضل الأعمال التي يمكن أن يأتيها المسلم، ذلك أن يوم الجمعة هو من أفضل الأيام على الإطلاق، لما حَبَاه الله من فضائل كثيرة؛ أبرزها أن به ساعة إجابة، لذا فإن الدعاء في هذا اليوم من أعظم القربات التي يتقرَّب بها العبد إلى مولاه.
أجمل دعاء يوم الجمعة
وفي هذا المقال سنتعرَّف على أعمال وأدعية يوم الجمعة، ومنها:
– الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ اللهم صلَّ وسلم وبارك على سيدنا محمد.
– قراءة سورة الكهف، لما لها من فضل عظيم في يوم الجمعة.
– اللهمَّ اجعَل لنا في هذا اليوم المبارك دعوات مقبولة لا تُرَد، وافتح لنا أبواباً في الجنَّةِ لا تُسَد، واحشرنا مع سيدنا محمد صلى الله عليهِ وسلم.
– اللهم أنت الحليم فلا تعجل، وأنت الجوَّاد فلا تبخل، وأنت العزيز فلا تُذِل، وأنت المنيع فلا تُرام، وأنت المُجير فلا تُضام، وأنت على كل شيء قدير، اللهم لا تحرمني وأنا أدعوك، ولا تخيِّبني وأنا أرجوك، اللهم ارحمني برحمتك الواسعة التي تغنينا بها عن رحمة من سواك ومغفرتك التي لا تترك ذنبا.
– اللهم أبعد عني رفقاء السوء، اللهم جنبني الفواحش والمعاصي، اللهم اغفر لي ذنبي، وطهِّر قلبي، وارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين.
– اللهم إنِّي أسألك في صلاتي ودعائي بركة تطهِّر بها قلبي وتكشف فيها كربي وتغفر بها ذنبي وتصلح بها أمري كلَّه وتُغنِي بها فقري وتُذهب بها شرِّى وتكشف بها همِّي وغمِّي وتشفي بها سَقَمي وتقضي بها دَيْنِي وتجلُوا بها حزني وتجمع بها شملي وتبيِّضُ بها وجهي يا أرحم الراحمين.
– الله أكبر ليس كمثله شيء في الأرض ولا في السَّماء وهو السميع البصير، اللهمَّ إنِّي أسألك الخير كله عاجله وآجله، وأسألك أن تفرِّح نفسي بكل ما ينفعها ويسرُّها من خير كثير ومغفرة ورحمة واسعة في الدنيا والآخرة.
– اللهم أنت الغني ونحن الفقراء، نسألك بكل اسم هو لك أن تسقِنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا غيث الإيمان في القلوب ولا تمنع عنا رحمتك يا رب العالمين. اللهم لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيءٍ بعد.
– اللهمَّ إنِّي أسألك يا فارج الهم، ويا كاشف الغم، يا مجيب دعوة المضطر إذا دعاك، يا رحمن الدنيا يا رحيم الآخرة، ارحمني برحمتك الواسعة. اللهم لا تحرمني سعة رحمتك، وسُبُوغ نعمتك، وشمول عافيتك، وجزيل عطائك، ولا تمنع عني خيراتك لسوء ما عندي، ولا تجازني بقبيح عملي، ولا تصرف وجهك الكريم عني برحمتك يا رحمن يا رحيم.
– اللهم ارزقنا لذَّة النظر لوجهك الكريم، والشوق إلى لقائك غير ضالِّين، ولا مضلِّين، وغير مفتونين، اللهم ظلَّنا تحت ظلِّك يوم لا ظلَّ إلّا ظلُّك.
– اللَّهم لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، اللهم لك الحمد عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك، اللَّهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد على الرضا. اللَّهم يا حي يا قيوم يا ذو الجلال والإكرام، اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، واقضِ عنَّا برحمتك شرَّ ما قضيت، إنَّك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك، آمنَّا بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فاغفر لنا ما تقدَّم من ذنبنا وما تأخَّر، وما أسررنا وما أعلنَّا، وما أنت به أعلم، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير.
– اللَّهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وبك خاصمت وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدَّمت وما أخَّرت، وما أسررت وما أعلنت، وأنت المقدِّم وأنت المؤخِّر، لا إله إلَّا أنت الأول والآخر والظاهر والباطن، عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم.
فضل دعاء يوم الجمعة
من الثابت أن الدعاء بوجه عام من أفضل الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى ربه سبحانه وتعالى سواء كان دعاء السفر أو دعاء الصباح أو دعاء الشفاء وغيرها من الأدعية، فهي مطلوبة في كل الأوقات، قال تعالى: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (سورة البقرة: 186).
وقد دلَّت هذه الآية على أن الله تعالى قريب من عباده إذا دعوه وعليهم أن يعلموا أن الله سبحانه يُرشد عباده إلى ما فيه خيرَيْ الدنيا والآخرة، ومن الآيات التي أكدت فضل الدعاء ومنزلته قوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ). (سورة غافر:60).
وكما فضَّل الله تعالى بعض الأيام على بعض فإنه قد فضل بعض أوقات الدعاء على بعض ومن بينها دعاء يوم الجمعة، فمن الحالات التي يستجيب الله الدعاء فيها دعوة المظلوم ودعوة الصائم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده، وغيرها من الحالات التي تكون مظنة لاستجابة الدعاء ولا شك أن هذه الحالات والأوقات أفضل من غيرها، لذلك كان السلف الصالح يتحرُّون تلك الأوقات لأنهم يعلمون أن الدعاء فيها ليس كغيره في الحالات الأخرى.
ومن أفضل أوقات الدعاء على الإطلاق دعاء يوم الجمعة ذلك أن الله سبحانه وتعالى قد ميَّزها بأن جعل فيها ساعة إجابة كما سبق وأشرنا، لما صح عن النبي ﷺ حيث أخرج البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ ﷺ: “فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فَسَأَلَ اللَّهَ خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ”. (أخرجه البخاري ومسلم).
فضل يوم الجمعة
من حكمة الله تعالى أنه قد فضَّل بعض البلاد على بعض وبعض الأزمنة على بعض ففضَّل بعض الشهور على بعض، وبعض الأيام على بعض وبعض الليالي على بعض، وكما يعتبر شهر رمضان المبارك خير الشهور، وليلة القدر خير ليلة، يعدل قيامها عبادة ألف شهر، وفضَّل يوم الجمعة على سائر أيام الأسبوع فهو خير يوم طلعت عليه الشمس.
وفي يوم الجمعة خلق الله تعالى سيدنا آدم عليه السلام وفيه أدخله الجنة، وأخرجه أيضًا منها يوم الجمعة، ويوم الجمعة من الأيام التي اصطفاها الله للمسلمين لتكون عيدًا أسبوعيًا لهم، ذلك أن اليهود قد اتخذوا من يوم السبت يومًا مقدسًا واتخذ النصارى من يوم الأحد يومًا مقدسًا أما يوم الجمعة فقد هدى الله تعالى المسلمين إليه.
فعن أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله ﷺ: “أَضَلَّ اللهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الأَحَدِ، فَجَاءَ اللهُ بِنَا، فَهَدَانَا اللهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ وَالأَحَدَ، وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، المَقْضِيُّ لهُمْ قَبْلَ الْخَلاَئِقِ” (أخرجه مسلم في صحيحه).
ومن فضائل يوم الجمعة أن صلاة الفجر فيه من أفضل الأعمال والقربات على الإطلاق كما صح عن النبي ﷺ أنه قال: “أفضلُ الصلواتِ عندَ اللهِ صلاةُ الصبحِ يومَ الجمعةِ في جماعةٍ”. (أخرجه أبو نعيم والبيهقي، والحديث صحيح)، ومن فضائل يوم الجمعة أن به خطبة الجمعة وصلاتها والتي هي بمثابة العيد الأسبوعي للمسلمين حيث يجتمعون فيه يستمعون الذكر والموعظة ويتعلمون ما ينفعهم في دينهم ودنياهم.
ومن الثابت أن الملائكة تدخل المساجد يوم الجمعة أثناء الخطبة تستمع الذكر الحكيم، وقد أعدَّ الله أجرًا عظيمًا لمن بكَّر إلى الصلاة يوم الجمعة، ويُستحب للمسلم أن يغتسل يوم الجمعة، وقد قال بعض العلماء بالوجوب، ويستحب له الذهاب إلى المسجد مبكرًا وأن يجلس حيث ينتهي به المكان، وأن يُكثر من الذكر ومن قراءة القرآن الكريم خاصة سورة الكهف أثناء انتظاره الصلاة والإقبال على دعاء يوم الجمعة الذي يريح القلب.
ساعة الاستجابة
ومن أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه في هذا اليوم أن يتحرَّى ساعة الاستجابة في يوم الجمعة وأن يلتزم بقول دعاء يوم الجمعة ويغتنم أوقات استجابة الدعاء، فربما وافق ساعة استجابة فكان من السعداء في الدنيا والآخرة، وقد تناول العلماء ساعة الاستجابة بالتفصيل في كتبهم ومؤلفاتهم وهذا مستفاد طبعًا من سُنَّة النبي ﷺ التي دعت إلى اغتنام ساعة الاستجابة يوم الجمعة.
متى تكون ساعة الاستجابة؟
وقد بيَّن هذا الحديث أن هذه الساعة لا يوافقها عبد مسلم يدعو الله فيها إلا استجاب الله دعاءه، وقد اختلف العلماء حول تحديد تلك الساعة إلى قولين:
القول الأول: أن وقت تلك الساعة من وقت أذان الجمعة إلى انقضاء صلاتها ودليله ما أخرجه مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ؛ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:” هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ”.
القول الثاني: أن وقت ساعة الاستجابة من بعد صلاة العصر ودليله ما رُوِي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: “يَوْمُ الجُمُعة اثِنْتَا عَشْرَةَ سَاعَةً، لاَ يُوجَد فِيهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ الله شَيْئاً إِلاَّ آتَاهُ إِيَّاهُ، فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ العَصْر”. (أخرجه أبو داود والنسائي، والحديث صحيح). وقد دل هذا الحديث على أن ساعة الإجابة بعد صلاة العصر وتحديدًا الساعة التي تسبق المغرب.
وسواء أكانت ساعة الإجابة وقت صلاة الجمعة، أو آخر ساعة من نهار الجمعة والتي تكون بعد العصر، فإن المسلم الحريص على الطاعة يغتنمها ويكثر فيها من ذكر الله تعالى ومن الدعاء الذي يعد من أفضل القربات في ساعات يوم الجمعة، وقد رجح كثير من العلماء أن ساعة الإجابة هي الساعة الأخيرة قبل المغرب.
ويمكن للمسلم أن يغتنم الساعتين، أما عن الساعة الأولى والتي تكون أثناء صلاة الجمعة، فالمسلم يستمع فيها الخطبة والذكر ويؤمِّن على دعاء الإمام ويدعوا في سجوده فيكون بذلك قد وافق ساعة الجمعة، فإذا ما كانت الساعة الأخيرة من نهار الجمعة اجتهد في الدعاء وأكثر من سؤال ربه من خيري الدنيا والآخرة لعل دعاء يوم الجمعة الخاص به يوافق تلك الساعة.
لقد كان السلف الصالح يغتنمون ساعة الجمعة اغتنامًا عظيمًا، فقد ورد عن غير واحد كطاووس بن كيسان وسعيد بن جبير والمفضل بن فضالة أنهم كانوا إذا صلُّوا عصر الجمعة استقبلوا القبلة فلم يكلموا أحدًا حتى غروب الشمس، وهذا إن دل فإنما يدل على فضل هذا الوقت ومكانته وثواب دعاء يوم الجمعة، ولعل ما ثبت عن هؤلاء التابعين من اختيارهم الساعة التي تلي العصر للدعاء يرجح القول الذي ذهب إليه كثير من العلماء أن ساعة الإجابة يوم الجمعة هي تلك الساعة التي تسبق غروب الشمس.
وختامًا فإن يوم الجمعة من أفضل الأيام ودعاؤه من أفضل الدعاء على الإطلاق، والعاقل هو الذي يغتنم تلك الأوقات ويجتهد فيها بالدعاء لعل الله سبحانه وتعالى يستجيب منه فيفوز بخيري الدنيا والآخرة.