دعاء قضاء الحاجة
دعاء قضاء الحاجة هو أحد الأدعية التي يتوجه بها المسلم إلى ربه سبحانه وتعالى ليكشف ما نزل به من ضُر وليقضي له حاجته، ولا شك أن التوجه إلى الله تعالى بالدعاء من أفضل القربات والأعمال التي يتقرب بها العبد إلى مولاه، وقد دعت نصوص كثيرة من القرآن الكريم والسنَّة إلى الدعاء وبيَّنت فضله ومنزلته.
دعاء قضاء الحاجة وكيفيته
وردت عدة أدعية في القرآن الكريم والسنة النبوية يعتبرها العلماء من أدعية قضاء الحاجة، ولعل الأصل في دعاء قضاء الحاجة قوله تعالى: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ). النمل:62، وتشير هذه الآية إلى أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يكشف دعاء المضطرين ويكشف ما نزل بهم من سوء لأنه رحيم بهم يجيب دعوتهم ويكشف كربتهم.
• “اللهمَّ إني أسالُك بأنَّ لك الحمدُ، لا إله إلَّا أنتَ وحدَك لا شريكَ لك، المنَّانُ، يا بديعَ السماواتِ والأرضِ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، يا حيُّ يا قيُّومُ، إني أسالكَ الجنة، وأعوذُ بك من النارِ“. رواه الألباني، في التوسل، عن أنس بن مالك، الصفحة أو رقم الحديث: 31، إسناده صحيح.
• “لا إله إلَّا أنت سُبحانك إنِّي كنت من الظَّالمين”.
هذا الدعاء هو من الأدعية التي وردت لقضاء الحاجة عن النبي ﷺ أنه قال: “دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له“. (أخرجه أحمد والترمذي).
وهو دعاء سيدنا يونس في بطن الحوت، وهو من أفضل الأدعية التي يتوجه بها العبد إلى مولاه والتي تحمل معاني الإقرار لله تعالى بالعبودية والاعتراف بالذنب وتفويض الأمر إليه قال تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). الأنبياء: 87.
• “اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ بأنَّ لَكَ الحمدُ لا إلَهَ إلَّا أنتَ المنَّانُ بديعُ السَّمواتِ والأرضِ يا ذا الجلالِ والإِكرامِ يا حيُّ يا قيُّوم، إني أسألك”.
وهو من الأدعية التي تُذكر في باب دعاء قضاء الحاجة، ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت جالسًا مع رسول الله ﷺ ورجل قائم يصلِّي، فلمَّا ركع وسجد تشهَّد ودعا فقال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، المنَّان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، إني أسألك. فقال النبي ﷺ لأصحابه أتدرون بم دعا، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دُعِي به أجاب، وإذا سئل به أعطى”. (رواه النسائي والإمام أحمد).
• “لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبًا إلَّا غفرته، ولا همًا إلا فرَّجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين“.
هو أحد الأدعية المأثورة في باب دعاء قضاء الحاجة والرزق وله علاقة وثيقة بالصلاة، ما روي عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: “قال رسول الله ﷺ: من كانت له حاجة إلى الله تعالى، أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ، وليحسن الوضوء، ثم ليصلِّ ركعتين ثم ليُثن على الله عز وجل، وليصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبًا إلا غفرته، ولا همًا إلَّا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين” .أخرجه الترمذي وابن ماجه.
وقد أشار النبي ﷺ إلى أن دعاء قضاء الحاجة السابق يقال في الصلاة أو بعد الانتهاء منها، ذلك أن الصلاة تجمع بين صور العبودية لله كافة ففيها قراءة القرآن والذكر والدعاء والخضوع والاستسلام لله تعالى قولًا وفعلًا. وهذا الدعاء هو أكثر الأدعية المأثورة في باب قضاء الحاجة وقد أشار الحديث صراحة إلى أن هذا الدعاء من الأدعية التي يدعو بها المسلم إذا كانت له حاجة يريد تحقُّقها.
• “اللهمَّ مالكَ الملكِ تُؤتي الملكَ مَن تشاءُ، وتنزعُ الملكَ ممَّن تشاءُ، وتُعِزُّ مَن تشاءُ، وتذِلُّ مَن تشاءُ، بيدِك الخيرُ إنك على كلِّ شيءٍ قديرٌ. رحمنُ الدنيا والآخرةِ ورحيمُهما، تعطيهما من تشاءُ، وتمنعُ منهما من تشاءُ، ارحمْني رحمةً تُغنيني بها عن رحمةِ مَن سواك“. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أنس بن مالك، الصفحة أو رقم الحديث: 1821، حسن.
• “اللَّهمَّ اكفِني بحلالِك عن حرامِك واغنِني بفضلِك عمَّن سِواك“. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو رقم الحديث: 2863، صحيح.
• “اللَّهمَّ ربَّ السَّمواتِ السَّبعِ وربَّ العرشِ العظيمِ ربَّنا وربَّ كلِّ شيءٍ أنتَ الظَّاهرُ فليس فوقَكَ شيءٌ وأنتَ الباطنُ فليس دونَكَ شيءٌ مُنزِلَ التَّوراةِ والإنجيلِ والفُرقانِ فالقَ الحَبِّ والنَّوى أعوذُ بكَ مِن شرِّ كلِّ شيءٍ أنتَ آخِذٌ بناصيتِه أنتَ الأوَّلُ فليس قبْلَكَ شيءٌ وأنتَ الآخِرُ فليس بعدَكَ شيءٌ اقضِ عنَّا الدَّينَ وأَغْنِنا مِن الفقرِ“. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبو هريرة، الصفحة أو رقم الحديث: 966، أخرجه في صحيحه.
• “إذا مضَى شطرُ اللَّيلِ الأوَّلُ أو ثلثاه، ينزلُ اللهُ تبارك وتعالَى إلى سماءِ الدُّنيا فيقولُ هل من سائلٍ يُعطَى؟ هل من داعٍ يُستجابُ له؟ هل من مستغفرٍ يُغفرُ له؟ حتَّى ينفجرَ الصُّبحُ“. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 758.
• “اللَّهمَّ رَحمَتَكَ أرْجو، فلا تَكِلْني إلى نَفْسي طَرْفةَ عَيْنٍ، أصْلِحْ لي شَأْني كُلَّهُ، لا إلهَ إلَّا أنتَ“. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبو بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو رقم الحديث: 4186، صحيح.
• “اللهمَّ إني عبدُك وابنُ عبدِك وابنُ أَمَتِك ناصيتي بيدِك ماضٍ فيَّ حكمُك عَدْلٌ فيَّ قضاؤُك أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سمَّيتَ به نفسَك أو أنزلتَه في كتابِك أو علَّمتَه أحدًا مِنْ خلقِك أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك أنْ تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ونورَ صدري وجلاءَ حُزْني وذَهابَ هَمِّي“. رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 6/153، صحيح.
أهمية دعاء قضاء الحاجة
عند الحديث عند دعاء قضاء الحاجة وتيسير الأمور فإن له أهمية كبيرة، ذلك أن كل شخص يريد تحقيق أهدافه وأمنياته، فهناك من يريد الحصول على عمل من أجل أن يكفي حاجة نفسه وحاجة من يعول، وهناك من يسعى للزواج من أجل إعفاف نفسه وتعمير الأرض على وفق مراد الله تعالى، وهناك من يريد السفر بحثًا عن عمل أو لطلب السير في الأرض والتفكر في مخلوقات الله تعالى.
وهذا يعني أن الناس جميعًا يعيشون في هذه الحياة وهم يريدون تحقيق حاجاتهم، وقد أرشد الله تعالى المؤمنين إلى أن الدعاء من الأمور الأساسية التي تكون سببًا من أسباب قضاء الحاجة وهناك دعاء لقضاء الحاجة على ما سيأتي بيانه.
دل القرآن الكريم على فضل الدعاء ومنزلته حيث يقول تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ). البقرة: 186، وقد دلَّت هذه الآية على أن الله سبحانه وتعالى قريب من عباده يستجيب دعوتهم ويحقق مرادهم فعليهم أن يؤمنوا بربهم وأن يستكثروا من الدعاء إن أرادوا الرشد والسعادة في الدنيا والآخرة.
ومن الآيات التي دلَّت على أهمية الدعاء كذلك قوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ). غافر:60، وهذه الآية فيها دعوة صريحة إلى أهمية الدعاء ومنزلته وقد جعل الله تعالى الدعاء في هذه الآية عبادة وجعل الاستكبار عن الدعاء من أسباب دخول جهنم والعياذ بالله تعالى.
لذلك فإن السنة النبوية قد تواترت على هذا المعنى حيث صح عن النبي ﷺ أنه قال: “مَن لم يسألِ اللهَ يغضبْ علَيهِ“. (أخرجه الترمذي وابن ماجة، والحديث حسن)، ويدل هذا الحديث دلالة قاطعة على أن الإنسان إذا لم يسأل ربه سبحانه وتعالى فإنه يغضب عليه، لأن الله تعالى يحب من عبده أن يسأله وأن يتوجه إليه بالدعاء وطلب المسألة.
ومن الأحاديث التي أكدت على فضل الدعاء ومنزلته ما روي عن أنس بن مالكٍ، قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: “قال الله تبارك وتعالى: يا بنَ آدمَ، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرتُ لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا بنَ آدم، لو بلغت ذنوبُك عَنان السماء ثم استغفرتَني غفرتُ لك ولا أبالي، يا بنَ آدم، إنك لو أتيتَني بقراب (بملء) الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشركُ بي شيئًا، لأتيتُك بقرابها مغفرةً“. (أخرجه الترمذي والحديث صحيح).
ما هي الحاجة؟
الحاجة في دعاء قضاء الحاجة هي ما يحتاجه الإنسان ويطلبه ويريد الحصول عليه ولكل شخص حاجات يسعى إليها ويريد تحقيقها، ولأن المسلم معلَّق بربِّه سبحانه وتعالى فإن الله تعالى يحب من عباده أن يسألوه وأن يطلبوا منه حاجاتهم ومسائلهم، لأنهم إن فعلوا ذلك فإنه سبحانه سيستجيب لهم ويعطيهم حاجاتهم.