دعاء دخول السوق

دعاء دخول السوق

دعاء دخول السوق هو أحد الأدعية التي تحمل معاني التوكُّل على الله والأخذ بالأسباب من أجل طلب الرزق، كما أن هذا الدعاء فيه منعة للمسلم من المخالفات الشرعية التي قد تقع في الأسواق، وما أكثر ما تحمله معاملات البيع والشراء بين الناس من مخالفات لا تتَّفق مع ما جاءت به الشريعة الإسلامية من الأمر بالسماحة والصدق في البيع والشراء.

صيغة دعاء دخول السوق

جاءت السنة النبوية في كثير من الأحاديث ببيان صيغة دعاء دخول السوق ومن أشهر الروايات الواردة في باب دعاء دخول السوق قول الرسول ﷺ:

من دخل سوقًا من الأسواقِ، فقال: لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيٍء قديرٍ، كَتَبَ اللهُ له ألفَ ألفَ حسنةٍ، ومَحَا عنه ألفَ ألفَ سيئةٍ، وبَنَى له بيتًا في الجنةِ“.
أخرجه أحمد والترمذي، والحديث مختلف في صحته، والراجح أنه ضعيف لا يصح. وضعَّف هذا الحديث الشيخ الألباني في “ضعيف الترمذي” (3474)، إلا أنه تراجع عن تضعيفه وحسَّنه لغيره كما في “صحيح الترغيب” (474) و”السلسلة الصحيحة” (114).

وباعتيار أن هذا الحديث من الأحاديث التي تربط العبد بربه وتُحصِّنه من غوائل الأسواق ومخالفتها إلا أن الله سبحانه وتعالى قد رتَّب فيه أجرًا عظيمًا، فبمجرد أن يقول المسلم هذا الدعاء موقنًا به فإن الله يكتب له ألف ألف حسنة، ويمحو عنه ألف ألف سيئة، ويبني له بيتًا في الجنة، وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن هذا الحديث من أكبر الأحاديث التي رتَّب الله فيها أجرًا على ذكر من الأذكار.

ما هو دعاء دخول السوق

دعاء دخول السوق هو الدعاء الذي يدعو به المسلم قبل دخوله السوق للبيع والشراء وهو أحد الأدعية التي نطلق عليها أدعية تحصينية ذلك أنها تُحصِّن المسلم من شرور البيع والشراء والمخالفات التي قد تحدث في هذا المكان، ولا يخفى على أحد أن الأسواق من الأماكن التي تكثر بها المخالفات الشرعية لذلك كان دعاء دخول الأسواق من الأدعية التي تَقِي المسلم شرَّ ما يحدث فيها.

أسباب قول هذا الدعاء

من الحقائق الثابتة أن الإسلام جاء ليُصلح أحوال الناس في معادهم ومعاشهم، ولذلك فإن من أهم مميزات الإسلام أنه دين شامل لم يغفل أي تشريع من التشريعات وهذا إن دل فإنما يدل على أنه الدين الخاتم الذي اصطفاه الله للعالمين، ويلاحظ أن الإسلام قد اهتم بتشريعات قد تبدو للوهلة الأولى تشريعات يسيرة لكن هذه التشريعات كفيلة بإصلاح أحوال الناس وكفيلة بتقوية الصلة بينهم وبين ربهم سبحانه وتعالى.

وقد يتساءل البعض لماذا جاء في الآثار دعاء لدخول السوق؟ والسبب في ذلك أن الأسواق من الأماكن التي تكثر فيها المخالفات الشرعية فرُبَّما نجد من يحلف كذبًا من أجل أن يروِّج سلعته وقد حذَّر الإسلام من هذا المَسلك الخطير، عن أبي ذر عن النبي ﷺ قال: “ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ“. قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مِرَارٍ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: “الْمُسْبِلُ، وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ“. (صحيح مسلم).

وكذلك قد يلجأ البعض إلى الغش في الأسواق وهي من الظواهر الخطيرة وقد أخرج مسلم أيضًا عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ مرَّ على صُبْرَة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللًا، فقال: “ما هذا يا صاحب الطعام؟“، قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: “أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشَّ فلَيْسَ مِنِّي“. (أخرجه مسلم)، فهذه الظواهر تؤكد أن الأسواق من الأماكن التي تكثر فيها المخالفات الشرعية.

وقد جاءت الأحاديث النبوية تؤكد أن الأسواق من أسوأ الأماكن على ظهر الأرض ولعل دعاء دخول السوق لهذا السبب حيث أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: “أحبُّ البلاد إلى الله مساجِدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها“. (أخرجه مسلم). ويدل هذا الحديث على أن المساجد هي أحب الأماكن إلى الله تعالى لأنها أماكن ذكر وعبادة، وعلى النقيض تمامًا فإن أبغضها إلى الله تعالى هي الأسواق لما يحدث فيها من مخالفات شرعية وحلف كذب وغش في البيع والشراء.

ومن الأحاديث التي حذَّرت من دخول الأسواق بغير حاجة لأنها من الأماكن التي يقع فيها ما يغضب الله تعالى، فعن سلمان رضي الله عنه موقوفًا، قال: “لاَ تَكُونَنَّ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ، وَلاَ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا، فَإِنَّهَا مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ وَبِهَا يَنْصِبُ رَايَتَهُ“. (أخرجه مسلم). وقد دعا هذا الحديث بشكل صريح إلى الابتعاد قدر الإمكان عن الأسواق وعدم دخولها وكذلك عدم المبادرة إليها، وهذا قطعًا ما لم يكن الشخص مرهونًا بالحاجة إليها أما إن كان الإنسان محتاجًا لدخول السوق فليدخل ولا حرج لكن عليه أن يلتزم بالآداب الشرعية وأن يحذر من المخالفات وأن يقول دعاء دخول السوق قبل دخوله.

وقد دعا الحديث السابق بشكل واضح المسلم إلى ألَّا يكون أول من يدخل الأسواق، وألَّا يكون آخر من يخرج منها، وفي هذا دعوة صريحة لعدم المكث فيها لوقت طويل، وقد علَّل الحديث الشريف النهي بأن الأسواق هي الأماكن التي ينصُب فيها الشيطان رايته ويُوقع أهلها في المخالفات.

ومن أسباب دعاء دخول السوق أن الناس يكونون منشغلين في البيع والتجارة منهمكين في تحصيل المكاسب والأرباح، وهم في ذلك يغفلون عن ذكر الله سبحانه وتعالى، فكان دعاء دخول السوق لهذا السبب وهو دعاء يشتمل على ذكر الله تعالى وعلى شكره وتفويض الملك له.

ولأن الناس قد يكونون في غفلة عن ذكر الله تعالى فإنه سبحانه قد أمر بترك كل شيء والذهاب إلى الصلاة قال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). سورة الجمعة: 9-10. ومع أن الآية خاصة بصلاة الجمعة إلا أن حكمها يبقى عامًا فلا يجوز الانشغال بالبيع والشراء عن ذكر الله وعن الصلاة، لذلك فإن الفقهاء قد ذهبوا إلى أن البيع والشراء لا يصح وقت الصلاة وإذا وقع البيع والشراء في هذا الوقت فإنه يكون بيعًا فاسدًا.

ومن الضروري لمن دخل السوق أن يلتزم بالآداب الشرعية في هذا الباب ومن أهم هذه الآداب أن يكف أذاه عن الناس فقد روى أبو موسى الأشعري عن النبي ﷺ أنه قال: “إذا مرَّ أحَدُكم في مسجِدِنا أو في سُوقِنا ومعه نَبْلٌ، فلْيُمسِكْ على نِصالِها بكفِّه؛ أن تُصيبَ أحَدًا مِن المُسلِمينَ بشيءٍ، أو فلْيَقبِضْ على نصالِها“.(أخرجه ابن ماجة، والحديث صحيح). وقد دل هذا الحديث على وجوب كف الأذى لمن أراد أن يدخل المسجد أو السوق، وعليه أن يمسك أسلحته وأن يحذر من أن تصيب أحدًا من الناس، والحديث فيه دعوة صريحة لمنع إيصال الأذى إلى الناس.

ومن الآداب التي يجب الالتزام بها عند دخول الأسواق غض البصر وقد قال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ). سورة النور:30-31. ومن أهم الآداب التي يجب الالتزام بها عند دخول الأسواق السماحة في البيع والشراء، فعن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما أنَّ رسول الله ﷺ قال: “رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى“. (أخرجه البخاري). وهذه الآداب الشرعية تضمن أن تقوم معاملات البيع والشراء على أساس قويم من تعاليم الإسلام الحنيف وتضمن أيضًا النأي عن المخالفات التي يتلبَّس بها أهل الأسواق.

فضل دعاء دخول السوق

ويظهر من خلال ما سبق أن دعاء دخول السوق من الأدعية المهمة التي تُذكِّر المسلم بربِّه سبحانه وتعالى والتي تحصِّنه من أضرار الأسواق والمخالفات التي قد تحدث فيها، وحَرِي بالمسلم ألَّا يُفرِّط في الأجر الذي أعدَّه الله تعالى لمن يقول هذا الدعاء قبل دخوله السوق.

قد يعجبك أيضاً
أكتب تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك، ويمكنك إلغاء الاشتراك في أي وقت. حسناً قراءة المزيد