دعاء الصباح
دعاء الصباح مكتوب للجميع، فهو ترياق الهموم ودافعها إلى زوال، إذا أقبل عليك يوم جديد، وبزغت شمس الحياة مُعلنة ميلاد يوم جديد هو صباح النور والسرور بإذن الله، فتذكر هذا الدعاء، لأن الله قد أحياك بفضله وجعل في عمرك بقية من أيام على هذه الدنيا، وتذكر نعمة الله عليك وأثر فضله على كل ما حولك، واعلم أن الدعاء تقرُّبٌ من الله وطلباً لعفوه ورحمته وشكره على ما وهبك من نِعَم شتَّى، فأنت قد استيقظت معافى في بدنك تتحرك وترى ببصرك نور الشمس وتلمح حدود الأفق، وتمتلك مزيداً من الوقت على هذه الأرض، ولذا وجب أن تشكر الخالق على نعمه التي لا تُعد ولا تُحصى.
يعد دعاء الصباح تعبُّدًا لله تعالى من خلال ذكر الله وشكره وتسبيحه وتحميده، ولذا فإن الله سبحانه وتعالى يتكفل بحفظ مَن قاله حتى يُمسي، وحفظ من قاله في المساء حتى يُصبح، لذا فإن من الأهمية أن يحافظ العبد على مجموعة من أذكار الصباح والمساء والأدعية التي يناجي بها ربه، ويعتاد عليها باستمرار، ليشكر ربه أولاً وليدفع عن نفسه الضر ومس الشيطان ثانياً، ويرجوا رحمة الله وعفوه ثالثاً.
دعاء الصباح
تتعدد صيغ دعاء الصباح التي يمكن للعبد أن يبدأ بها يومه، ولكن أفضل ما يمكن أن يبدأ به يتمثل في الأدعية الصحيحة الواردة عن النبي ﷺ، ذلك أنها إقامة للسنة وأيضاً فإنها تجلب للإنسان الخير وتُكثر من حسناته وتمحو من خطاياه، ولذا يجب المحافظة عليها بشكل دائم.
وفيما يلي نذكر بعضًا من أذكار وأدعية الصباح:
• أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ لِلَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا فِي هَذَا الْيَوْمِ وَخَيرَ مَا بَعْدَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِي هَذَا الْيَوْمِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهُ، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَسُوءِ الْكِبَرِ، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ.
• اللَّهمَّ أنت ربِّي لا إله إلا أنت، عليك توكَّلت، وأنت ربُّ العرش العظيم، ما شاء اللّه كان، وما لم يشأ لم يكُن، ولا حول ولا قوَّة إلا باللّه العليِّ العظيم، أعلم أنَّ اللّه على كلِّ شيء قدير، وأنَّ اللّه قد أحاط بكلِّ شيء علماً، اللَّهمَّ لا تجعل ابتلائي في جسدي، ولا في مالي، ولا في أهلي، وسهِّل علي ما استثقلَته نفسي.
• اللهم في هذا الصباح سخِّر لنا من حظوظ الدنيا ما تعلم أنه خيرٌ لنا، اللهم قلوبنا بين يديك فـارزقها الثبات والراحة، اللهم اجعل لنا من أمرنا فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، وارزقنا من حيث لا نحتسب رزقا حلالا واسعا.
• رب اشرح صدورنا، ويسِّر أمورنا، واحلُل عقدة من ألسنتنا، يفقهوا قولنا، اللهم فوَّضتك أمري كله، فجمِّله خيراً بما شئت، واجعلني يا رب ممَّن نظرت إليه فرحمته، وسمعت دعاءه فأجبته.
• اللهم اجعل يومي كله بركة وافتح لي أبواب الخير كله واجعلني من عبادك الصالحين لنفسي وللدين ولسائر أمة المسلمين واجعل دعاء الصباح بلسماً على لساني في كل صباح يوم جديد.
• لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلِّ شيء قدير، اللَّهمَّ إنِّي أعوذ بك من شرِّ نفسي، ومن شرِّ كلِّ دابَّة أنت آخذ بناصيتها، إنَّ ربِّي على صراط مستقيم.
• اللهمَّ يا منْ توزَّعتِ الأرزاق بكرمِه، وتنفَّس الصُّبح بأمره، بلِّغنا أسمَى مراتب الدُّنيا وأعلى منازل الآخِرة، وارزقنا إجابة الدعاء، وصلاح الأبناء، وبركة العطاء، يا حيُّ يا قيُّوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كلَّه ولا تكِلني إلى نفسي طرفة عين.
• أصبحنا على فطرة الإسلام، وعلى كلمة الإخلاص، وعلى دين نبيِّنا مُحمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، وعلى مِلَّة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين.
• اللَّهمَّ بك أصبحنا وبك أمسينا، وبك نحيا وبك نموت وإليك النُّشور والمصير. رضيتُ باللهِ ربَّاً وبالإسلامِ ديناً وبمحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نبيَّاً.
• اللَّهم أنزل البركة في بدَني بعد منامي، وأصلح لي شأني في كل أيامي، وحقِّق لي كل ما تمنَّيتُ في أحلامي.
• اللَّهمَّ إنِّي أصبحت أُشهدك، وأُشهد حملة عرشك، وملائكتك، وجميع خلقك، أنَّك أنت الله لا إله إلاَّ أنت وحدك لا شريك لك، وأنَّ محمَّداً عبدك ورسولك.
• اللهمَّ إني أسألُك علماً نافعاً ورزقاً طيباً وعملًا متقبلاً، يضيء به صباحي ويستنير به يومي وترضى به نفسي تمام الرضا والحمد.
• سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.
• اللَّهمَّ اجعل صباحي عامراً بذكرك وحُسن عبادتك وطاعتك في كل ما تحب وترضى، وجنِّبني كل ما تكره، لا إله إلَّا أنت وحدك لا شريك لك، لك الملك ولك الحمد وأنت على كلِّ شيءٍ قدير.
• يا الله يا كريم يا رحمن يا رحيم إنِّي أصبحت برحمتك أستغيث فأصلح لي شأني كلَّه ولا تكِلني إلى نفسي طرفة عين وسخِّر لي كل خير في يومي هذا واجمعني فيه مع عبادك الصالحين.
• اللَّهمَّ اجعل دعاء الصباح خالصاً لوجهك الكريم وافتح لي أوسع أبواب رحمتك وأعنِّي على يومي هذا فأنت نِعم السَّند والمُعين.
• اللَّهمَّ إنِّي أصبحت لك عبداً مسلماً أحمدك وأشكرك على كل نعمك وأعوذ بك من الكفر، والفقر، وأعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلاَّ أنت.
• اللَّهمَّ إنَّا نعوذ بك من أن نُشرك بك شيئاً نعلمُه، ونستغفرك لما لا نعلمه، وأعوذ بكلمات الله التَّامَّات من شرِّ ما خلق.
• اللَّهمَّ عالم الغيب والشَّهادة فاطر السَّماوات والأرض ربَّ كلِّ شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلَّا أنت، أعوذ بك من شرِّ نفسي ومن شرِّ الشَّيطان وشِركه، وأن أقترف على نفسي سوءاً أو أجُرَّه إلى مسلم.
• ذكر دعاء سيد الاستغفار: “اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ، أَبوءُ لَكَ بِنِعْمتِكَ علَي، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ”.
فمن قاله موقناً به حين يُصبح ومات دخل الجنة، ومَن قاله حين يُمسي ومات من ليلته دخل الجنة.
• شكر الله تعالى: “رضيت بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا”.
من قالها حين يُصبح أو حين يُمسي كان حقًا على الله أن يرضيه يوم القيامة.
• قراءة آية الكرسي: “اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ“. (سورة البقرة: 255).
وقد ورد في فضلها أن من قالها حين يصبح أُجير من الجن حتى يُمسي، ومن قالها حين يُمسي أُجير من الجن حتى يصبح.
• قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين: (قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس).
وقد ورد أن من قالها حين يُصبح أو حين يُمسي كفته من كل شيء.
• اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ. ثلاث مرات.
• اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ، وَالفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ.
وغيرها من أذكار وأدعية كثيرة واردة عن النبي ﷺ.
فضل دعاء الصباح
إن العبد من خلال قول أي أذكار أو دعاء الصباح في صباح كل يوم، فإنه بذلك يعمل على كسب رضا الله تعالى، وزيادة الجرعة الإيمانية الداخلية وتقوية الروابط والصلات مع الخالق تعالى، فالدعاء أُنسٌ وقُرب وطلب للعفو، كما أن الله سبحانه يذكُر العبد إذا ذكره في الملأ الأعلى، أو كما جاء في الحديث القدسي: “قال اللهُ جلَّ وعلا: أنا عند ظنِّ عبدي بي إن ظنَّ خيرًا فله، وإن ظنَّ شرًّا فله”. (أخرجه أحمد: 16016).
إضافة إلى أن الدعاء والذكر يعمل على حفظ العبد من وساوس الشيطان، ومغفرة المعاصي والذنوب وتبديل السيئات بالحسنات، ودخول الجنة بفضل الله تعالى، وتحصيل البركة والنعم الكثيرة، واكتساب نعمة راحة البال وكفاية الهموم والأحزان على الدوام، بجانب طمأنينة القلب واستبشار العبد وسلامة الصدر، وقضاء الدين وجلب الرزق… وغيرها من فوائد وآثار كثيرة.
إن دعاء الصباح يقوم بعملية إنعاش للقلب، ويجعل الإنسان يرتقي بنفسه وروحه عن الواقع المحيط به، فيشعر أنه في عالم آخر مختلف، بل إنه يشعر بأن الحياة تصبح صغيرة في عينيه، لأنه يتناسى الهموم والمشاكل وكل ما يصادفه في حياته، وخاصة إذا ركَّز دعاءه على ما يحفظه من الهموم، فمن قال: “حَسْبِيَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ“، فإن الله يكفيه ما أهمَّه من أمر الدنيا والآخرة، ممَّا يجعل نفسه تغدو شفيفة لا تتأثر بمغريات الحياة الزائفة والزائلة، بل إن نفسه ستدفعه إلى معالي الأمور دومًا.
جمال أدعية الصباح
يطلب العبد من ربه في دعاء الصباح أن يرزقه من فضله، وأن يبارك له فيما أعطاه، ويسأله أن يعطيه علماً نافعًا، وعملاً متقبلاً، وجسداً على البلاء صابراً، وقلباً خاشعاً، ورزقاً طيباً، ولساناً ذاكراً، فما أجمل أن يجدِّد العبد صبيحة كل يوم هذه الدعوات مستعيناً بالله تعالى، قاصداً بابه الذي لا يُغلق في وجه أحد من عباده، فالله سبحانه كريم ويحب أن يُلِحَّ العبد في طلبه وتضرُّعه.
ويمكن أن يشتمل دعاء الصباح على الاستغفار، فقد كان النبي ﷺ يستغفر الله في اليوم والليلة أكثر من مائة مرة، ولذا فإن العبد امتثالاً للهَدي النبوي يردد دوماً: “أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ”، فهذا الاستغفار يبدِّد السيئات ويجعلها تتلاشى، كما أنه يطرح عن المرء الهموم وانقباض الصدر، وهذا من شأنه أن يجعل بداية اليوم جيدة للغاية، وإذا كانت البداية قوية وممتعة، فإنها ستؤثر بلا شك على باقي اليوم، فيشعر العبد أنه قد أضحى سعيداً ومُقبلاً على الحياة والناس، مسارعًا إلى عمله لكسب ما يسد رمق أسرته بجد واجتهاد.
ولا ينسى العبد أن في صبيحة كل يوم أن يستعيذ بالله من شر الشيطان وشركه، وأن يستعيذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، حتى يؤمن نفسه من شر الوساوس والجن، وما أجمل أن يردد العبد قائلاً: “بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلاَ فِي السّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ“، فإذا قالها فلن يضره من الله شيء، وتلك بشارة عظيمة تجعل العبد موقنًا في وعد الله له، عاملاً بجد واجتهاد دونما خوف أو قلق، بل إن نفسه تسمو وترتفع عن كل ما يلوثها أو يعكر صفوها.
وفي دعاء الصباح يكون من الواجب الصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، بأن نقول: “اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبَيِّنَا مُحَمَّد”، بقدر ما نستطيع، فمَن صلَّى عليه صلاةً صلَّى الله بها عليه عشرًا، وهذا فضل كبير من الله على عباده وإكرامًا لنبيه الكريم ﷺ. كما أن الصلاة على رسول الله ﷺ كلها بركة ورحمة، فمن داوم الصلاة عليه نال شفاعته في الآخرة، ومن شفع له النبي ﷺ دخل الجنة ونجى من النار، كما أن الصلاة عليه تجلب الرزق وتدفع الهم والحزن، فأي كرامة أعظم من تلك الكرامة.
دعاء الصباح إذاً هو البداية الحقيقية لكل يوم نصحو فيه فنجد أنفسنا ما زلنا أحياء في هذه الدنيا، فنشتم رحيق الزهور ونلمح بريق الشمس البازغة في الأفق ونقول أجمل عبارات صباح الخير لكل من حولنا، فندرك أن نعمة الله قد أدركتنا ومنحتنا الحياة من جديد وإلى وقت معلوم، لذا فإن شفاهنا تنطلق بقول الحمد لله ذاكرةً وشاكرةً نعمه التي لا تعد ولا تُحصى، وراجيةً رحمته وعفوه وعونه تعالى، لكي يعيننا على الحياة ومتاعبها وأعبائها الكثيرة، فنشعر بعد ذلك بالراحة النفسية والسعادة، ويتحول القلب من خموله إلى اشتعاله بنبض الحياة والذكر، فيتبدد القلق، وتأخذ البسمة طريقها للشفاه، فيبدأ اليوم بشكل مثالي يُساعد على الإنتاج والعمل.
لذا يجب أن نحافظ على دعاء الصباح وعلى كل أذكار الصباح بشكل عام، فهو مقوٍّ للعزيمة ودافع للهمَّة والنشاط، وجالب للحسنات، ولا يوجد إنسان حافظ عليه إلا ووجد شيئًا وأثرًا في نفسه وفي المحيط الذي يحيا فيه ناتجًا عن فعله ذلك.