حسبي الله ونعم الوكيل
حسبي الله ونعم الوكيل هي جملة يُردِّدها الكثيرون أو يلفظها البعض بصيغة الجمع (حسبنا الله ونعم الوكيل)، دون معرفة معناها أو في أي موضِعٍ تُقال وقد يظن البعض اقتصارها على الدعاء على الظالمين أو ما يعرف بالحسبنة أو الحسبلة والاحتساب عند الله وهو طلب ثواب الله يوم القيامة.
محتويات
دعاء حسبي الله ونعم الوكيل
من ضمن الأدعية المكتوبة بهذا الخصوص:
متى تُقال؟
يقال حسبي الله ونعم الوكيل في المواقف التي يُصيب فيها المسلم خوف أو فزع أو كرب أو خطب جلل أو مصاب عظيم وفي أوقات الشدة كذلك في دعاء المظلوم على الظالم الذي يأكل أموال الناس وحقوقهم بالباطل ويؤذيهم.
كذلك لرفع الغم فقد أخرج ابن أبي الدنيا عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي ﷺ كان إذا اشتد غمُّه مسح بيده على رأسه ولحيته ثم تنفَّس الصَّعداء وقال: حسبي الله ونعم الوكيل.
فضل حسبي الله ونعم الوكيل
- إن كافة الأدعية والتسبيحات ومُناجاة الله عز وجل لَهِيَ نوع من أنواع العبادة التي يتقرَّب فيها المسلم إلى ربه فينال الثواب والرضا من الله عز وجل.
- الاعتماد والتوكُّل على قاضي السماء وتفويض الأمر إليه أفضل من التوكُّل على قاضي الأرض الذي رُبَّما لا يعدل والله أحكم الحاكمين ونصير المظلومين.
- رفع الروح المعنوية خلال مواجهة الأعداء والظالمين.
- صرف الهم والغم والكرب بإذن الله.
- الفرج من عند الله.
معنى حسبي الله ونعم الوكيل
حَسْبي: من الفعل (اِحتَسبَ) والفاعل (مُحْتَسِب) والمفعول (مُحْتَسَب) واحتسب الشيء أي ضحَّى به وجعل أجره عند الله كقول: (أحتسبه عند الله شهيداً) وفي موضع آخر تعني احتَسَب بالشيء أي اكتفى به والفعل (أحْسَبَ) بمعنى قال حَسبي والحَسِيب اسم من أسماء الله الحسنى ومعناه الكافي الذي منه كفاية العباد وفي قوله تعالى: “وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا” وقول (حسيبُك الله) بمعنى انتقم الله منك.
نِعْمَ: فعل ماض جامد لإنشاء المدح بمعنى ما أحسنه وأفضله وفي قوله تعالى: “وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ”. الآية 40 – سورة الأنفال.
الوكيل: من أسماء الله الحسنى ومعناه الحافظ والكفيل بأرزاق العباد.
وبالنسبة للمعنى الفِقْهِي لها، فالحسب بمعنى الكافي وعند قول حسبي الله أو حسبنا الله بصيغة الجمع فمعناها الله كافينا ونِعْم الكافي ومن يتوكل على الله يكفيه فهو القائم على أمور المسلمين في جميع شؤونهم.
أصل قولها
عقب الهزيمة في غزوة أُحُد جمع النبي ﷺ أصحابه والمسلمين المُثخنين بالجِراح وخرج بهم لمطاردة قريش ليرفع من عزائمهم وساروا حتى نزلوا عند موضع يُسمى حمراء الأسد جنوب المدينة المنورة حيث عسكر المسلمون ثلاثة أيام هناك فيما عُرِفَ بغزوة حمراء الأسد
فلما عَلِمَت قريش بخبر تحرُّك النبي ﷺ وكان بينهم أبي سفيان صادف أن مرَّ بهم نفر من عبد القيس (وقيل أعرابي من خُزاعة) يقصدون المدينة فاتفق معهم أبي سفيان أن يُبلغوا المسلمين رسالة مقابل زبيباً يُعطيهم إياه فوافقوا وكانت فحوى رسالته أن قريش أعدَّت لهم جيشاً لا قِبَلَ للمسلمين به وأنهم في الطريق إليهم.
فلَمَّا لَقِيَ نَفَرُ عبد القيس المسلمين قالوا لهم: إن القوم قد جمعوا لكم وذلك ليبُثوا الخوف والرعب في قلوب المسلمين إلا أنهم ردُّوا قائلين: حسبنا الله ونعم الوكيل، فنزلت الآية 173 من سورة آل عمران السابقة الذكر وانتهى الأمر بانسحاب قريش.
في القرآن
جاء في قوله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ). الآية 173 – سورة آل عمران.
وقوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ). الآية 59 – سورة التوبة.
في السُّنَّة النبوية
وفي الحديث الشريف، جاء في صحيح البخاري، عن ابن عباس قوله: “حسبنا الله ونعم الوكيل” قالها إبراهيم عليه السلام حين أُلْقِيَ في النار وقالها محمد ﷺ حين قالوا: “إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ”. الآية 173 – سورة آل عمران.
وعن أبي سعيد الخدري أنه قال: قال رسول الله ﷺ: “كيفَ أنعَمُ وقدِ التقَمَ صاحِبُ القرنِ القرنَ وحَنَى جبهتَهُ وأَصغى سمعَهُ ينتَظِرُ أن يُؤمَرَ أن ينفخَ فينفُخ، قال المسلمون: كيف نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا حسبي الله ونعم الوكيل توكَّلنا على الله ربُّنا ورُبَّما قال سفيان (وهو من رواة الحديث): على الله توكلنا”. (صحيح الترمذي).
وشرح هذا الحديث أن النبي ﷺ يُحذِّر من اقتراب الساعة وكيف ينعَم وقد استعد إسرافيل وأمسك بالبُوق استعداداً للنفخ وهُنا يسأله المسلمون ماذا يقولوا؟ فأجابهم قولوا حسبي الله ونعم الوكيل أي فوَّضنا أمرنا لله.
كذلك حديث محمد بن مسلم بن شهاب الزهري أنه قال: “اختصم رجُلان إلى رسول الله ﷺ، فكأن أحدهما تهاون ببعض حُجَّته لم يبلغ فيها فَقَضَى رسول الله ﷺ للآخر فقال المُتهاون بِحُجَّته: حسبي الله ونعم الوكيل، فقال رسول الله ﷺ: حسبي الله ونعم الوكيل يحرِّك يده مرتين أو ثلاثا، قال: أُطلُب حقَّك حتى تعجز، فإذا عجزت فقُل: حسبي الله ونعم الوكيل، فإنَّما يُقضى بينكم على حُجتكم”. إلا أن إسناد هذين الحديثين وحكمهما اختلف فيه العلماء.
فوائدها للرزق
لم يَرِدْ أنَّ قولها يجلِب الرزق في القرآن الكريم أو السنة، إلا أنَّ من يتوكل على الله فهو حسبُه بيده مفاتيح الرزق والخير فإنَّ من يتوكل على الله حقَّ توكُّلِه يرزُقه من فضله بغير حساب يقول تعالى: “وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ“. الآية 49 – سورة الأنفال.