جزر المالديف
جزر المالديف هي لؤلؤة المحيط الهندي التي حَباها الله طبيعة خلابة تخطف الألباب وتأسر القلوب وتشد الأنظار فأصبحت وجهة مميزة للمصطافين وقبلة للعشاق من كل أنحاء العالم، فلا شك وأنها من أفضل الأماكن لإقامة حفلات الزفاف وقضاء شهر عسل في جو هادئ ساحر يبعث على البهجة والسرور، لا يقتصر جمال الطبيعة في هذه الجزر على شواطئها ذات الرمال البيضاء ومياهها اللازوردية فجمال بيئتها البحرية الأخَّاذ من شُعَب مرجانية وكائنات بحرية جعلها من أجمل مناطق الغوص في العالم.
نبذة عن جزر المالديف
المالديف أصغر البلدان الآسيوية مساحة وسكانًا وقد وفَّر لها موقعها الجغرافي النائي ميزة خاصة، فهي بعيدة عن متاعب العالم وقلاقِله ولا تشارك حدودها البحرية مع دولة أخرى وأقرب دولة لها تقع على بعد ألف كيلومتر من سواحلها كما أن أمورها الداخلية مستقرة نسبيًا لذا أصبحت من أفضل الوجهات السياحية حول العالم.
التسمية
عرف العرب جزر المالديف قديمًا باسم “ذيبة المهل” وذكرها ابن بطوطة في رحلاته باسم “محل دبيأت” التي حرِّفت إلى “محلديب” وهو ضمن النص المكتوب بحروف عربية على الشعار الرسمي لجمهورية المالديف “الدولة المحلديبية”. وفيما يعتقد البعض أن هذا المسمى قد حُرِّف على لسان الرحالة والمستكشفين الغربيين ليصبح المالديف فإن أصل الكلمة يشير إلى غير ذلك، فيرجع جذر الكلمة في اللُّغة السنسكريتية إلى “مالادفيبا” التي تعني “إكليل الجزر”.
أين تقع جزر المالديف
تقع في المحيط الهندي جنوب آسيا وتبعد عن سواحل الهند بنحو ألف كيلومتر وتتكون من 1,322 جزيرة منظَّمة في 26 آتول والآتول هو مجموعة من الشعب المرجانية المتقاربة تأخذ شكل الحلقة أو الدائرة عادة وبمرور السنين تراكمت عليها الرمال وتحوَّلت إلى جزر وتحوي سادس أكبر آتول في العالم “آتول هوفادهو” وكلمة آتول نفسها مشتقَّة من كلمة “آثولو” من اللغة الديفهية، وهي لغة سكانها.
يبلغ طول سواحل هذه الجزر 871 كيلو متر وتبلغ مساحة دولة المالديف 90,000 كم² منهم 298 كم² فقط من اليابسة ومن ضمن كل جزر المالديف فإن مائتي جزيرة فقط مأهولة بالسكان وتقع العاصمة ماليه على الطرف الشمالي من آتول كافو وتعد من أكثر عواصم دول العالم ذات الكثافة السكانية العالية.
المناخ
تتميز جزر المالديف بمناخ مداري استوائي مع نسبة رطوبة عالية ومع ذلك تساعد نسائم المحيط الهندي على تلطيف الهواء وتتراوح درجة الحرارة ما بين 24° إلى 33° مئوية طوال العام ويهيمن موسمان على طقس المالديف هما موسم الجفاف وموسم الأمطار.
ونظرًا لكون المالديف أدنى بلد في العالم فإن درجة الحرارة مرتفعة دائمًا، ويمثل ذلك أيضًا مشكلة بيئية كبيرة فالكثير من الجُزُر مهددة بالغرق نتيجة ارتفاع منسوب المياه كما أن عواصف الطقس السيئ قد تلحق أضرارًا بالغة نتيجة الأمواج المدِّيَّة التي تصنعها مثلما حدث في عام 1991م عندما تسببت تلك الأمواج في تدمير العديد من المنازل.
كما تسبب تسونامي عام 2004م في غَمر ثلثي العاصمة وتضرَّرت معظم الجزر خاصة ذات المستوى المنخفض وبالإضافة إلى الخسائر البشرية التي تجاوزت المئة بين قتيل ومفقود كما أن الخسائر المادية التي سبَّبها زلزال المحيط الهندي بلغت 62% من الناتج المحلي، ما حَدَا بحكومة المالديف إلى إعلان الوضع كارثة وطنية.
التاريخ
يرتبط تاريخ جزر المالديف إرتباطًا وثيقاً مع جارتيها الهند وسريلانكا فكان أوائل السكان الذين استوطنوها من نسل شعب التاميل خلال فترة سانغام والذين كانوا على الأرجح صيادين يقيمون على سواحل الهند الجنوبية وسواحل سريلانكا الشمالية بجانب شعوب وأعراق أخرى من تلك المناطق مثل السنهاليون وقد شكلت المالديف موقعا استراتيجيا هاما على طرق التجارة البحرية ما بين جنوب شرق آسيا وبحر العرب وخليج عدن وكانت محطة توقف للتجار العرب واشتهرت بتجارة ألياف جوز الهند والسمك والصدف.
كانت الهندوسية تمارس بين سكان المالديف حتى اعتناقهم البوذية وليس معروفاً على وجه التحديد كيف وصلت البوذية إلى البلاد لكن يعتقد أنها انتشرت في القرن الثالث الميلادي عبر جزيرة سيلان ( سريلانكا ) وقد ظلت الديانة السائدة لنحو 1,400 عام وخلال تلك الفترة تطورت ثقافة ولغة البلاد ومازالت بعض الآثار البوذية موجودة إلى الآن.
حمل التجار العرب الإسلام إلى تلك المنطقة كما حملوه إلى العديد من أقطار وجزر آسيا النائية عنهم مثل سريلانكا وماليزيا وإندونيسيا والفلبين وغيرها. ومنذ القرن الثاني عشر الميلادي تحولت المالديف إلى الدين الإسلامي ودان به أغلب سكانها عندما اعتنقه آخر ملك بوذي واتخذ لقب سلطان وقد أسس سلطنة إسلامية ظلت متواجدة لمدة 812 عاماً حتى تحولت البلاد إلى النظام الجمهوري.
في منتصف القرن السادس عشر، وصل البرتغاليون إلى المالديف وخلفوا بها حامية عسكرية تشرف عليها مستعمرتهم الرئيسية في سيلان وعقب طردهم نتيجة ثورة محلية تعاقب عليهم الهولنديون في منتصف القرن السابع عشر ثم البريطانيون في عام 1796م ومنذ ذلك الحين أصبحت المالديف محمية إنجليزية حتى حصلت على استقلالها في عام 1965م ورحل الإنجليز عن آخر قاعدة لهم في عام 1976م.
في عام 1968م تحولت البلاد من النظام الملكي إلى الجمهوري بشكل نهائي بعد استفتاء وطني طرحه البرلمان، كانت البلاد قد تحولت بالفعل إلى النظام الجمهوري لفترة وجيزة في 1952م ثم عادت مجددا إلى النظام الملكي في 1954م والمالديف عضو في دول الكومنولث منذ عام 1982م.
الثقافة
شعب المالديف من المجموعات العرقية الهندو-آرية ويميز البلاد خليط ثقافي ثري بفعل التأثيرات الهندية والسريلانكية والماليزية والعربية والفارسية والإندونيسية والإفريقية ويتحدث سكان المالديف اللغة الديفيهية إحدى مجموعات اللغات الهند-أوروبية الجنوبية السنسكريتية الأصل والمرتبطة باللغة السنهالية وتكتب بنظام كتابي يعرف باسم “التانة” يتميز بتأثره باللغة العربية من حيث الأبجدية والتشكيل والكتابة من اليمين إلى اليسار وفي بعض الأحيان تكتب اللغة الديفهية بحروف لاتينية و الديفهية مشتقة من كلمة ديفهي التي تعني “سكان الجزر” وهو الاسم الذي يطلق أيضاً على شعب المالديف وتعتبر الديفهية اللغة الرسمية للبلاد كما أن اللغة الإنجليزية منتشرة على نطاق واسع، ويصل عدد سكان المالديف إلى أكثر من نصف مليون نسمة ( 533,941 ) طبقاً لإحصاء 2019م، يتركز نحو ثلثهم في ماليه عاصمة جزر المالديف ويدين غالبيتهم بالإسلام وترتبط به معظم احتفالاتهم السنوية وعطلاتهم الرسمية مثل: عيد الفطر وعيد الأضحى ويوم عاشوراء ورأس السنة الهجرية.
ويعتمد المطبخ المالديفي بشكل أساسي على السمك خاصة سمك التونة وجوز الهند إضافة إلى الأرز والكاري ومن أشهر الأطباق المالديفية طبق التونة مع جوز الهند المبشور المعروف باسم ماسهوني.
السياحة في جزر المالديف
تمثل السياحة في المالديف عصب الاقتصاد فهي المصدر الأول للدخل بنحو 27% إلى جانب الصيد وصناعة القوارب وتجهيز الأسماك ومصنوعات جوز الهند، كانت البداية الفعلية لتاريخ السياحة في المالديف في سنة 1972م بإنشاء منتجع كورومبا آيلاند أول منتجع سياحي في البلاد وتوالى إنشاء المنتجعات والفنادق حتى تعدّت أكثر من 132 منتجع وفندق وطبقاً للإحصائيات الحكومية زار نحو 1.7 مليون سائح البلاد في 2019م وبزيادة بلغت 14.3% بنهاية شهر يناير 2020م، يشكل الأوربيون النسبة الأكبر من السياح يليهم القادمون من آسيا وتبلغ نسبة السياح من أفريقيا والأمريكيتين نحو 3% بينما يشكل السياح من الشرق الأوسط 1% طبقا لإحصائية 2015م الحكومية.
يمكن للسياح التمتع برياضات السباحة والغوص ومشاهدة الشعب المرجانية وحطام السفن الغارقة وأسماك القرش والمانتا إضافة إلى ممارسة الركمجة وغيرها من الأنشطة البحرية، يعتبر موقع مايا تيلا بالمالديف واحد من أفضل 100 موقع للغوص في العالم.
من أشهر المنتجعات والأماكن التي يمكن زيارتها في جزر المالديف؛ جزيرة ماليه، جزيرة أدو المرجانية، جزيرة هيلينجيلي، ويعد منتجع هوفافين فوشي أفضل منتجع في المالديف في فبراير 2020م طبقاً لموقع TripAdvisor.
كما توجد فيها عدة سلاسل من الفنادق العالمية مثل شيراتون وجميرا ومن أفضل الأماكن لقضاء شهر العسل جزر؛ هولهومالي، بيادهو، فيهالوهوي ومافوشي.
تحوي المالديف نحو أحد عشر مطاراً منهم أربع مطارات دولية والتحرك بين جزرها يكون غالبا بالزوارق السريعة والعبَّارات أو عن طريق التاكسي الجوي ( الطائرات المائية ) كما أن قارب الدوني الخشبي التقليدي وسيلة شائعة للتنقل بين الجزر.