اللغة العربية

اللغة العربية

اللغة العربية لها مكانة كبيرة لدى العرب والمسلمين، فهي لغة القرآن التي تربط الأمة العربية والإسلامية بتاريخها العريق، ولا شك أن الحفاظ عليها له دور كبير في حفظ الهوية الإسلامية، وقد امتازت بكثير من المزايا والخصائص التي تُميِّزها عن غيرها وسنتعرف عليها عن قرب وأبرز خصائصها ودورها في حفظ هوية الأمة الإسلامية.

ما هي اللغة العربية؟

هي إحدى اللغات الساميَّة، وتتكون من 28 حرفًا أساسيًا، وهي من أكثر اللغات التي يتحدث بها الناس حول العالم، حيث تتحدث بها عشرات الدول العربية والإسلامية، ويبلغ عدد المتحدثين بها في دول العالم ما يقارب 500 مليون نسمة، معظمهم في الدول العربية والإسلامية، وتأتي الدول العربية على رأس الدول التي تتحدث بها وتعد اللغة الرسمية لسكانها.

ويضاف إلى ذلك أن عددًا كبيرًا من المسلمين غير العرب يتعلَّمونها لأنها السبيل الوحيد لفهم القرآن وقراءته وفهم أحكام الدين الحنيف وذلك يؤكد بشكل كبير قيمتها العظيمة فهي لغة القرآن الكريم. كما أنها تمتاز بفخامتها وعظمتها حيث اشتملت أحرُفُها على الأحرف اللَّثَويَّة والأحرف الحلقية وغيرها من أنواع الحروف، ولكل حرف من حروفها مخرجًا تناوله العلماء.

مكانة اللغة العربية

لها مكانة كبيرة بين لغات العالم، ويمكن القول إنها أعظم لغات العالم من ناحية القوة الذاتية فيها وتتكون من أكثر من 12 مليون مُفردة، ما يجعلها متربعة على قائمة أكثر اللغات الحية اشتمالًا على مفردات لغوية، ويتضح هذا بصورة أكبر إذا ما علِمنا أن اللغة التي تأتي بعدها كثاني اللغات العالمية اشتمالًا على مفردات لغوية هي اللغة الإنجليزية التي تتكون من 300 ألف مفردة لغوية فقط،

ما يعني أن عدد المفردات اللغوية في لغتنا العربية تبلغ أكثر من أربعين ضعفًا مقارنة بأقرب المفردات اللغوية في أقرب لغة لها وهي اللغة الإنجليزية. ومن الأمور التي تدل على ثراء لغة القرآن أن معجمًا واحدًا من معاجمها وهو معجم لسان العرب للإمام ابن منظور، قد اشتمل على أكثر من 80 ألف مادة لغوية، بينما اشتمل أكبر وأعظم قاموس في اللغة الإنجليزية وهو قاموس صمويل جونسون على 42 ألف مادة لغوية.

ومن المعلوم أن قاموس جونسون من أكبر المعاجم اللغوية في اللغة الإنجليزية ما يعني أنه قد حوى كثيرًا من موادها اللغوية، بينما يُعد معجم لسان العرب أحد المعاجم الكثيرة في لغتنا العربية والتي ذكرت بالتفصيل الجذور اللغوية وموادها ومرادفاتها. كما تُعد اللغة العربية إحدى اللغات الرسمية الست المعتمدة في منظمة الأمم المتحدة، ويحتفل العالم باليوم العالمي للغة العربية كل عام في يوم الثامن عشر من شهر ديسمبر، وهذا يدل على أنها ذات مكانة وقيمة كبيرة بين اللغات الحية التي يتحدث بها الناس.

ومما يدل على مكانتها، أن بعض الدول غير العربية تعتبرها من لغاتها الرسمية حيث تعتبرها دولة تشاد ودولة إريتريا من لغاتها الرسمية، وهناك الكثير من الدول التي تشجع مواطنيها على تعلُّمها، حيث تعد من اللغات التي يتعلمها المواطنون في تلك البلاد ومن هذه البلاد نيجيريا والسنغال وتركيا والجمهوريات الإسلامية التي كانت تتبع الاتحاد السوفيتي، وهذا يؤكد بشكل كبير على أهميتها وخصائصها الكثيرة.

أثرها في اللغات الأخرى

من الأمور التي تؤكد عظمتها وقيمتها أنها ذات تأثير كبير في اللغات العالمية، فعلى سبيل المثال يلاحَظ أن العربية قد تركت أثرها على ما يعرف باللغات الإسلامية، وهي لغات بعض البلاد الإسلامية التي تأثرت بالعربية، حيث تكتب حروف هذه اللغات بحروف عربية وهناك الكثير من الكلمات العربية المستعملة في تلك اللغات، ومن اللغات التي تأثرت بالعربية، التركية، الفارسية، الأوردية، الكردية، الإيغورية الخاصة بالإيغور المسلمين الذين يسكنون في تركستان الشرقية.

كما أنها قد تركت أثرًا كبيرًا في اللغات المنتشرة في قارة إفريقيا ومن المعلوم أن إفريقيا من القارات التي انتشر فيها الإسلام حتى كانت تعرف بالقارة المسلمة ولولا حملات التبشير والاحتلال التي تعرضت لها دول تلك القارة لكانت اللغة العربية هي السائدة فيها، ومن اللغات الإفريقية التي تأثرت بلغتنا العربية؛ اللغة السواحلية، الهاوسا، التجرية، الأمهرية، الصومالية، وغيرها من اللغات الإفريقية التي يظهر من خلال التعرف عليها تأثرها الكبير بلغة القرآن.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك فهناك الكثير من اللغات الأوروبية التي تأثرت بها أيضًا، ومن أبرز اللغات التي تأثرت بها اللغات التي تعرف بالمتوسطية ومن أمثلتها اللغة الإسبانية واللغة البرتغالية واللغة الصِّقِلِّيَّة واللغة المالطية، ولعل هذه اللغات قد تأثرت بالعربية لأن البلاد الناطقة بها قد اختلطت بالمسلمين لفترات طويلة من الزمن من خلال الفتح الإسلامي لتلك البلاد.

فقد مكث المسلمون في الأندلس ثمانية قرون، ويقصد بالأندلس إسبانيا والبرتغال حاليًّا، كما أن دولة مالطا كانت دولة إسلامية في فترات زمنية طويلة، وكذلك استطاع المسلمون فتح صقلية وجعلها دولة إسلامية، وبهذا فقد تأثرت تلك الدول بالعربية وأخذت كثيرًا من الأحرف العربية فأدخلتها إلى لغاتها.

لقد أخذت اللغات الحيَّة الكثير من اللغة العربية حيث يلاحظ أن اللغة الإنجليزية قد أخذت الكثير من الألفاظ العربية وكذلك الفرنسية، ويمكن القول إن معظم اللغات الغربية قد تأثرت كثيرًا بها، ومن الملاحظ أن كلمات عربية مثل قطن وسكر وقهوة وأدميرال وأسماء النجوم والجبر والكحول قد أخذت كما هي وتم استعمالها في اللغات الأجنبية مع أن أصلها عربي.

كذلك كُتِبَت بها الكثير من المؤلفات العظيمة في تاريخ البشرية ومن الكتب التي كُتِبَت بها كتاب القانون في الطب لابن سينا وكُتب الزهراوي في الجراحة والصيدلة وكُتب البيروني في الفلك والجغرافيا، وقد كان الأوروبيون يتعلمونها من أجل التمكن من فهم هذه الكتب وما حَوَته من علم جم ظل مرجعًا أساسيًا للعالم الغربي لقرون من الزمن.

ومن أهم ما يميز العربية أنها لغة القرآن الكريم، ولذلك فهي مقدسة عند المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وحتى يفهم المسلم الإسلام فهمًا صحيحًا فعليه أن يُتقنها وأن يفهم معانيها، وإذا أتقنها المسلم فإنه سيتمكن من فهم القرآن المصدر الأول من مصادر التشريع في الإسلام.

دورها في حفظ الهوية الإسلامية

من الحقائق الثابتة أن اللغة تشكل أحد الأسس الرئيسة للحضارات والثقافات، ولا يمكن لحضارة أن تنهض وأن تسود ما لم تمتلك لغة قوية، ولذلك فإنها تُعَد أحد الأبعاد الأساسية التي تنتشر من خلالها الحضارات والثقافات، وتأتي قوة اللغة من قوة المتحدثين بها، فإذا كان المتحدثون بها يمتلكون مقوِّمات الحضارة والقوة فإن لغتهم ستسود وستنتشر في أرجاء العالم.

ويوم أن امتلك المسلمون مقومات الحضارة واعتزُّوا بلغتهم العربية كانت من أكثر اللغات تحدثًا في العالم من إفريقيا إلى أوروبا ومن غرب آسيا إلى وسطها وجنوبها، لكن لما ابتعد المسلمون عن الأخذ بعوامل قُوَّتِهم وضَعُفَ استخدامهم للغة العربية زالت مكانتهم وهيبتهم بين الناس، ولعل ضعف استخدامها وعدم الاهتمام بها أحد مظاهر الهزيمة النفسية والحضارية ولعل مقولة ابن خلدون: “دائمًا ما يُقَلِّدُ المغلُوب الغالِب” من الأدلة على ذلك.

ويمكن القول إن اللغة العربية أحد الأمور الرئيسة للحفاظ على هوية الأمة الإسلامية، وهذا يُحتِّم علينا الاهتمام والتحدث بها وإحياء المعاهد العلمية التي تقوم بتدريسها وذلك إذا أردنا الحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية لأُمتنا العريقة.

قد يعجبك أيضاً
أكتب تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك، ويمكنك إلغاء الاشتراك في أي وقت. حسناً قراءة المزيد