الرقية الشرعية

الرقية الشرعية

الرقية الشرعية مكتوبة كاملة للعين والحسد فهي العوذة التي يُرقى بها المريض ونحوه أو ما يُرقى به المريض من آيات قرآنية وأدعية نبوية يعتصم بها المرء من سوء أصابه أو قد يصيبه بغير وسائل الطب وجاء في تعريفها عند ابن الأثير بأنها العُوذة التي يرقى بها صاحب الآفة كالحُمَّى والصرع وغير ذلك من الآفات وتعتبر الرقية الشرعية نوع من دعاء المسألة ألا وهو طلب ما ينفع، أو طلب دَفع ما يضُر وكذلك تُعرف الرُّقَى بإسم العزائم.

تعريف الرقية والراقي والمُرقي

مصدر كلمة رُقْيَة من “رَقَى” وجمعُها (رُقَى) و (رُقْيَاتْ) طبقاً لمعجم المعاني الجامع والمعجم الوسيط وغيرهم، أما معناها فِقهياً؛ فهو قراءة بعض آيات وسور القرآن الكريم وبعض الأدعية على موضع يتألَّم منه المريض مع النَّفث وهو نفخٌ لطيف بلا ريق أو معه ريق خفيف أي إخراج الهواء من الفم كما فسَّره النووي في شرح حديث مسلم وقد تكون الرقية بالقراءة على ماء يشربه المريض أو يُصب على جسده.

والراقي هو الشخص الذي يُرقي المريض أي يعالجه بالرقية الشرعية والمسترقي أو المرقي هو المريض الذي يتداوى بها لِعِلَّة أصابته وقد وُجِدت الرقية أو الترقي في الجاهلية قبل الإسلام لكن كانت تشوبها الاستعانة بالأوثان والشرك بالله وقد جاء عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أنه قال: “كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رُقاكم، لا بأس بالرُّقى ما لم يكن فيه شرك” (رواه مسلم).

كيفية الرقية الشرعية

  • النفث بالرِّيق على موضِع الألم.
  • وضع اليد اليُمنى على موضع الألم أو المسح بها على الجسم أثناء الرقية.
  • قراءة سورة الفاتحة 7 مرَّات.
  • قراءة آية الكرسي.
  • قراءة ما تيَسَّر من القرآن.
  • قراءة سورة الإخلاص. 3 مرَّات.
  • قراءة المعوذتين (سورة الناس وسورة الفلق). 3 مرَّات.
  • قول هذا الدعاء: ( اللَّهُمَّ ربَّ النَّاسِ، أَذْهِب الْبَأسَ، واشْفِ أَنْتَ الشَّافي، لا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفاءً لا يُغَادِرُ سقَمًا ).
  • ثُم قول ما رَقَى به سيِّدنا جبريل لسيدنا محمد ﷺ: ( بِإسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللهُ يَشْفِيكَ بِإسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ ).
  • ويمكن أن يدعوا الرَّاقي بأدعية أخرى، شرط أن لا يكون فيها أي شرك بالله، طلباً من الله تعالى وحده بالشفاء والحفظ من كل مكروه.
  • أيضاً يمكن قراءة الرقية في الماء من القرآن والسنة على إناء به ماء والنفث فيه ويشرب منه أو يغتسل به، شرط أن لا يكون الراقي به مرض قد ينتقل للمريض أو المُرقى له.
  • أيضاً يمكن كتابة الرقية بمداد غير ضار ولا مُحرَّم وغسلها في ماء يشربه المرقي أو يصُبُّهُ عليه. وقد يستخدم الراقي ماء زمزم أو ماء الزعفران خلال الرقية وأيضاً زيت الزيتون تُقرأ عليه الرقية ويَدهن به المريض بدنه.

آيات الرقية الشرعية

تتعدد نماذج وأنواع الرقية مثل الرقية الشرعية للسحر والرقية الشرعية للمنزل والرقية الشرعية للعين والحسد والرقية الشرعية للمريض والرقية الشرعية للأطفال والرقية الشرعية للصرع وكلها رقى تشمل سور وآيات بعينها بِناءً على الحالة، وفي الأصل شرعاً لا يوجد رقية شرعية مختصة بمعالجة أمر بعينه، فالرقية هي الرقية والمرء المُسلم يرقي نفسه بالأدعية و الأذكار والمعوَّذات على مدار اليوم.

ونذكر عدداً من الآيات القرآنية منها:

  • قراءة سورة الفاتحة كاملة.
    فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه “أن ناساً من أصحاب النبي ﷺ أتوا على حي من أحياء العرب فلم يقروهم، فبينما هم كذلك إذ لُدِغ سيد أولئك، فقالوا: هل معكم من دواء أو راق؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جُعلا، فجعل يقرأ بأم القرآن، ويجمع بُزاقه ويتفل، فبرأ، فأتوا بالشاء، فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي ﷺ، فسألوه فضحك وقال: وما أدراك أنها رقية؟ خذوها، واضربوا لي بسهم” (رواه البخاري).
  • بداية سورة البقرة: ( ألم (1) ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5).
  • آية الكرسي.
    ( اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ). الآية [255] – سورة البقرة.
  • نهاية سورة البقرة.
    ( لِّلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ ۖ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286). الآيات [284-286] – سورة البقرة.
  • آيات من سورة الأعراف.
    ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56). الآيات [54-56] – سورة الأعراف.
  • آيات من سورة يونس.
    ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58). الآيات [57-58] – سورة يوسف.
  • آية من سورة طه.
    ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّي نَسْفاً ). الآية [105] – سورة طه.
  • الآيات الأولى من سورة الصافات.
    ( وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5) إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7). الآيات [1-7] – سورة الصافات.
  • سورة الإخلاص.
  • سورة الفلق.
  • سورة الناس.
  • سورة الكافرون.

أدعية الرقية الشرعية

أدعية الرُّقى الشرعية من الصعب ذكرها هنا لتعدد الأدعية المذكورة فيها، لكننا سنذكر بعض الأدعية التي وردت من الأحاديث النبوية ومنها:

  • بسم الله الذي لا يَضُر مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السَّماء وهو السَّميع العليم.
  • أعوذ بكلمات الله التامَّة من كلِّ شيطانٍ وهامّةٍ وكلّ عينٍ لامةٍ.
  • أعوذ بكلمات الله التامَّات من شرّ ما خَلَق.
  • أسأل الله العظيم ربَّ العرش العظيم أن يَشفيك. (7 مرّات).
  • عن عبد العزيز بن صهيب البناني، مولى أنس بن مالك، أنه قال: “دخلت أنا وثابت على أنس بن مالك رضي الله عنه، فقال ثابت: يا أبا حمزة، اشتُكيت (أي أصابني المرض)، فقال أنس: ألا أرقيك برقية رسول الله ﷺ؟ قال: بلى، قال: اللهم، رب الناس، مذهب الباس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت، شفاء لا يغادر سقما” (رواه البخاري).
  • عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان إذا اشتكى رسول الله ﷺ رقاه جبريل عليه السلام، قال: “بسم الله يُبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد، وشر كل ذي عين” رواه مسلم.
  • وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام أتى النبي ﷺ، فقال: “يا محمد اشتكيت؟ قال: نعم، قال: “بإسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك” (رواه مسلم).
  • عن عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه أنه شكا إلى رسول الله ﷺ وجعاً يجده في جسده منذ أسلم، فقال له رسول الله ﷺ “ضع يدك على المكان الذي تَأَلَّم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثاً وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر، قال: ففعلت، فأذهب الله ما كان بي، فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم” (رواه مسلم وصححه الألباني في صحيح الترمذي).
  • حديث أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ: “اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، إله كل شيء ورب كل شيء، فالق الحَب والنَّوى ومُنزل التوراة والإنجيل والفُرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر” (رواه مسلم).

حُكمها

حكم الرقية الشرعية جائز باتفاق المذاهب الأربعة ودلالة ذلك، حديث عائشة رضي الله عنها: “أن رسول الله ﷺ كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها” (رواه البخاري).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: “كان النبي ﷺ يعوِّذ الحسن والحسين ويقول: إن أباكُما (يعني إبراهيم عليه السلام) كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أَعُوذُ بكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِن كُلِّ شيطَانٍ وهَامَّةٍ، ومِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ” (رواه البخاري).

والهامَّة كل ما له سم قاتل كالحيَّات والعقارب ونحوها ومن كل عين لامَّة أي من كل عين سوء.

وعن جابر رضي الله عنه أنه قال: “كان ليَ خال يُرقِي من العقرب فنهى رسول الله ﷺ عن الرقى، قال: فأتاه فقال: يا رسول الله، إنك نهيت عن الرقى وأنا أرقي من العقرب. فقال: “من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل” (صحيح بن حبان وأخرجه مسلم).

وروت أم سلمة رضي الله عنها “أن النبي ﷺ رأى في بيتها جارية في وجهها سعفة (شحوباً من أثر العين) فقال: استرقوا لها فإن بها النظرة” (رواه البخاري).

وكذلك ما ورد عن أبي سعيد رضي الله عنه أنه قال: “انطلق نفر من أصحاب النبي ﷺ في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يُضيفوهم، فلُدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء.

فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لُدِغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم والله إني لأُرقِي ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قَلَبَة (أي مرض) قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه فقال بعضهم: اقسموا فقال الذي رقى لا تفعلوا حتى نأتي النبي ﷺ فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا فقدموا على رسول الله ﷺ فذكروا له فقال: وما يدريك أنها رقية؟ ثم قال: قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهما فضحك رسول الله ﷺ” (رواه ومسلم).

وقد خصَّ الرسول ﷺ الرقية الشرعية كونها الأفضل في معالجة عين الحسد ولدغات الحَيَّات والعقارب في قوله: “لا رقية إلا من عين أو حمة ” والحمة هي ذوات السم.

شُرُوطها

  • أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته أو بما ورد عن النبي ﷺ فلا يجوز أن تكون بأسماء الصالحين والأولياء أو يكتَنِفُها أمور الشرك والبدع كالاستنجاد بغير الله.
  • أن تكون بلغة عربية سليمة ومفهومة.
  • أن تكون باقتناع بأنها لا تؤثر بذاتها بل بإذن وقدرة الله عز وجل.

آدابها

  • سلامة عقيدة الراقي وثباتها وأن يكون ممَّن معروف عنهم التُّقى والصلاح وألَّا يكون من الدجَّالين والمشعوذين.
  • ألَّا يعتمد الراقي على الجن في علاج السحر وأن يكون اعتماده الكامل على الله والتمسك بالقرآن والسُّنَّة كمصدرين أساسيين في العلاج.
  • إخلاص النية في عمله لله.
  • عدم المُغالاة ومساعدة المريض على استرجاع ثقته بنفسه والمحافظة على سِرِّه وتوجيهه إلى فضل الصبر واحتساب الأجر عند ربه كما عرفنا من قصة سيدنا أيوب وصبره على البلاء والمرض.
  • تجنب الخلوة ومواضع الرِّيبة وعدم ملامسة جسد المريض في حالة كونِه من النساء.
  • تقريب المريض إلى طاعة الله وربط الناس بالتقرُّب إلى الله وترسيخ العقيدة الصحيحة في نفوسهم.

أنواعها

قَسَّم الإمام القُرطبي أنواع الرقية الشرعية إلى ثلاث:

الأولى: الرقية بكلام الله وأسمائه وهي جائزة.
الثانية: الرقية بغير أسماء الله كالصالحين فلا تجوز ويجب تركها.
الثالثة: رقية الجاهلية وهي ما كان يُرقى به في زمن الجاهلية ويجب تجنبها لما قد يكون فيها من شرك.

الفرق بين الرقية الشرعية والبِدْعِيَّة والمُحَرَّمَة

الرقية الشرعية كما أسلفنا هي الرقية بآيات وسور من القرآن الكريم وما ورد من أدعية وأحاديث نبوية في الرقى.

الرقية البدعية ما يُضاف إلى الرقية من تعاويذ يستخدمها السَّحرة والدَّجَّالون.

الرقية المحرمة غير الشرعية وتعرف أيضاً باسم الرقية الشركية، فهي الرقى المنهي عنها لما تحتويه من شرك وسحر وطلاسم واستنجاد وتوسل بغير الله وقد كان العرب في الجاهلية يرقون بهذه الرقى الشركية ومن نماذجها أنهم كانوا يُعلقون تمائم وخيوط للصبية من أجل دفع العين ودرءاً للحسد، كذلك كانوا يستخدمون بعض أعضاء الحيوانات وعظامها معتقدين أنها تجلب المنفعة والشفاء من المرض ولذلك طلب النبي ﷺ عرض الرقى عليه لكي لا يكون بها شيء من شرك الجاهلية كما جاء في حديث عوف بن مالك -رضي الله عنه- سالف الذكر.

وقد نهى الرسول ﷺ عن تعليق التمائم وهي الرقى المُعلقة خاصة على المرضى والصغار، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: “إنَّ الرُّقَى والتَمائِمَ والتِّوَلَةَ شِرْكٌ” ويقصد بالرقى هنا الرقى المُحرمة المَنهِي عنها والتِّوَلَةَ ما كانوا يصنعونه قديماً ويزعمون أنه يُحبِّبُ المرأة إلى زوجها والعكس.

رقية المرء لنفسه

كان النبي ﷺ يرقي نفسه، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “كان رسول الله إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمُعوَّذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها”. (أخرجه البخاري ومسلم).

وقد جاء في فضل الذين يعتمدون على الله ولا يطلبون الرقية من غيرهم لما فيه نوع من الحاجة إلى الراقي، حديث السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: “يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً من غير حساب، هم الذين لا يستَرْقُون ولا يَتَطيَّرون ولا يكتوُون وعلى ربهم يتوكَّلون”.

والرقية من الحسد والمرض والسحر والتعويذ من الأرواح الشريرة كانت موجودة قبل الإسلام لدى كثير من الثقافات والمعتقدات كالبوذية والهندوسية والطاوية إضافة إلى الأديان السماوية وتقابلها كلمة (Exorcism) في اللغة الإنجليزية، التي تعني طرد الأرواح الشريرة والرقية الشرعية تدخل ضمن ما يُعرف باسم الطب النَّبوي وهي ليست علاجاً لكل الأمراض بل وسيلة من وسائل العلاج الروحاني.

قد يعجبك أيضاً
أكتب تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك، ويمكنك إلغاء الاشتراك في أي وقت. حسناً قراءة المزيد