أبي الغالي
أبي الغالي ومعانيها
أبي الغالي؛ كلمة أبي من الكلمات المحببة إلى النفس، والتي تُدخل السرور على قلب كل أب، وهي أيضًا من الكلمات التي تبعث الطمأنينة في قلب من ينطق بها متحدثًا إلى أبيه، إذ إنه يشعر بأنه يسند ظهره إلى حصن حصين وركن متين وهو الأب، الذي يمثل وجوده في حياة أي واحد منَّا قيمة كبيرة، ولا شك أن فقده من الأمور التي تترك أثرًا كبيرًا على أي إنسان منَّا مهما كان قويًا أو كبيرًا في السن أو يمتلك من الإمكانيات ما يمتلك وذلك لأن المساحة التي يتركها الأب لا يمكن لأحد تعويضها.
إن كلمة أبي الغالي تحمل معاني ومشاعر جيَّاشة نحو الأب الذي بذل عمره من أجل راحة أبنائه، وهو يتحمل جميع الصعاب من أجل يوفر الطمأنينة لأبنائه ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى قد وصَّى بالوالدين فقال تعالى: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا). (الإسراء:23-24).
عندما يتحدث أحدنا وينادي والده ويقول “أبي الغالي” فإن هذه الكلمة تدل على احترام كبير من الشخص لوالده، واعتراف صريح بفضل والده عليه، ولا شك أن كلمة أبي الغالي تتضمن معاني قيمة لدى الإنسان، فكأن والده أغلى وأثمن وأنبل ما يملكه، وهذا واقع لا خلاف حوله، وهناك كثير من الناس يتمنون أن يضحُّوا بكل ما يملكون من أجل أن يتحدثوا مع آبائهم الذين فقدوهم، أو أن يناديهم الآباء “يا بني”.
لا شك أن وجود الأب في حياة كل واحد منَّا من النعم العظيمة التي تستدعي شكر الله سبحانه وتعالى وحمده على أن رزقنا إيَّاها. إننا عندما نتحدث عن مكانة الأب ومنزلته والشعور الجميل الذي تحمله كلمة أبي الغالي، فإننا نؤكد أن مكانة الأب تتجاوز التنظير والكلام إلى الفعل والتطبيق العملي، بحيث تكون أفعال الإنسان في كل جزئية منها تنبض وتؤكد هذه الجملة الرائعة أبي الغالي.
كلمات إلى أبي الغالي
- أبي الغالي لكَ أكتب كلماتي وأُعبِّر عن عظيم امتناني.. حفظك الله وبارك فيك وأبقاك ذخرًا لنا.
- أبي الغالي يا نهرًا من العطاء وبكل سخاء يامن غمرت بحبك كل الأبناء وبدون إستثناء.
- كنت لنا سندًا ولازلت لنا شرفًا نحمله بكل فخر لنرسم طريقًا للخير ربَّيْتنا عليه ولن نحيد عنه.
- أبي الغالي.. كفاك فخرًا أنك علَّمتنا واجتهدت من أجل حُسن تربيتنا وحرصت على راحتنا على حساب نفسك وجهدك وراحتك.
- أبانا الحبيب إنَّا لك أبناءًا مخلصين على حب الخير وكل ما يجعلنا ويجعلك من الله قريب.
- نحن أحباب والدنا الغالي.. حفظه الله لنا بقدر ما سهر من أجلنا اللَّيالي.
- تتوالى الأيام وتكبر الأحلام وتتحقق أمنيات الكِرام ممَّن أطاعوا الأب والأم بكل حب واحترام.
- أبي الغالي ليس فقط رجل مثالي بل هو بطل خارق رسمته في خيالي.
- الأب هو الرجل الوحيد الذي يعطي كل الحب والحنان دون أن يسأل عن المقابل من أبنائه.
- كل أب هو أمير وملك وبطل في عيون أطفاله وأبي في عَيْنَيْ أكبر من كل ما سبق ذكره.
- أبي الغالي يا شمعة تُنير دربي وتؤنسني في ظلام اللَّيالي.
- أبي يا صانع الود يا من كنت في تربيتي مُجِد أدعوا لك في كل صلواتي كما لم أدعوا لأي أحد.
- أبي يا مجدًا أحمله كُلَّما كتبت إسمي وألحقته بإسمك ليملأني شعورٌ بالفخر والاعتزاز وكأنه إنجاز وإعجاز.
- أبي الغالي الله يرحمك ويجعلك من أهل الجنة وممَّن يدخلونها بدون حساب ولا سابق عذاب.
- أطال الله في عمرك يا أبي وجعل كل أيامك خير وبركة وأعانك على مشاغل الدنيا وجعلك من أهل الجنة في الآخرة.
- أبي الغالي الله يحفظك ويرعاك ويسدِّد خُطاك ويجعل الخير والبركة دائمًا معاك.
- أبي يا صاحب القلب الكبير، يا من رعاني وأنا صغير، أهديك كل الحب والتقدير وأجمل التعابير.
- أبي هو نعمة من الله، نسأله تعالى أن يحفظه من كل سوء وأن يرعاه.
مكانة الأب في الإسلام
إن الإسلام يعطي مكانة كبيرة للأب، ويجعله أوسط أبواب الجنة وقد رُوِيَ أن رجلًا أتى أبا الدَّرداء فقال: “إن أبي لم يزل بي حتى تزوَّجت وإنه الآن يأمرني بطلاقها قال: ما أنا بالذي آمرك أن تعُق والدك ولا أنا بالذي آمرك أن تطلِّق امرأتك غير أنك إن شئت حدَّثتُك ما سمعت من رسول الله ﷺ سمعته يقول: “الوالد أوسط أبواب الجنة فحافظ على ذلك إن شئت أو دَع“. أخرجه أحمد وابن حبان في صحيحه، والحديث صحيح.
وهذا الحديث يؤكد على مكانة الأب الكبيرة، وأن طاعته من أسباب دخول الجنة من أوسط أبوابها، ولعلَّ قوله ﷺ أوسط أبواب الجنة، دلالة على أن طاعة الوالد من الأمور التي توصل إلى الجنة مباشرة، فكأن من يطيع والده يدخل الجنة مباشرة من أوسط أبوابها.
ومن الأمور التي أكد عليها النبي ﷺ في مسألة التعامل مع الأب حتى بعد وفاته صلة أصدقائه وأصحابه، فقد أخرج مسلم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: “أنَّهُ كانَ إذَا خَرَجَ إلى مَكَّةَ، كانَ له حِمَارٌ يَتَرَوَّحُ عليه، إذَا مَلَّ رُكُوبَ الرَّاحِلَةِ وَعِمَامَةٌ يَشُدُّ بهَا رَأْسَهُ، فَبيْنَما هو يَوْمًا علَى ذلكَ الحِمَارِ، إذْ مَرَّ به أَعْرَابِيٌّ، فَقالَ: أَلَسْتَ ابْنَ فُلَانِ بنِ فُلَانٍ، قالَ: بَلَى، فأعْطَاهُ الحِمَارَ، وَقالَ: ارْكَبْ هذا وَالْعِمَامَةَ، قالَ: اشْدُدْ بهَا رَأْسَكَ، فَقالَ له: بَعْضُ أَصْحَابِهِ غَفَرَ اللَّهُ لكَ أَعْطَيْتَ هذا الأعْرَابِيَّ حِمَارًا كُنْتَ تَرَوَّحُ عليه، وَعِمَامَةً كُنْتَ تَشُدُّ بهَا رَأْسَكَ، فَقالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: إنَّ مِن أَبَرِّ البِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ وإنَّ أَبَاهُ كانَ صَدِيقًا لِعُمَرَ”.
وقد دل هذا الحديث على أن صلة الأب بعد وفاته من الأمور التي دعا إليها الإسلام وحث عليها بما يؤكد المكانة الكبيرة للأب في الإسلام.
رسالة إلى أبي الغالي
أبي الغالي؛ إليك أكتب هذه الكلمات ولك أزف أصدق المشاعر، فأنت وصية الله لي في قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا). (الأحقاف: 15). كم تحمَّلت وصبرت من أجلي، وكم عانيت الصعاب والمشاق من أجل أن ترى البسمة على وجهي، وكما أسهرت ليلك وأظمأت نهارك من أجل أن توفِّر لي كل ما أحتاجه، وإني لو أمضيت عمري كله في ذكر بعض فضائلك ما تمكنت من الإتيان عليها، ولو سطَّرت كُتبًا في منزلتك ما وفَّيتك حقَّك وكيف لا وأنت من كنت سببًا في وجودي في هذه الحياة.
أبي الغالي؛ يا مصدر الأمان ويا نبع الحنان، لا شك أن وجود الأب في الدنيا يشكِّل مصدر قوة كبيرة لأي إنسان، وهو مصدر للأمان، ومجرد وجوده في المنزل يمد أفراد الأسرة بقوة ذاتية، والأب هو الذي يدافع عن أولاده الصغار ويحميهم ويمنعهم من أي أذى قد يتعرضون له.
دور الأب في الأسرة
إن البعض يتصوَّر أن دور الأب في الأسرة يقتصر على توفير الطعام والشراب والمسكن وسائر المستلزمات التي تحتاجها الأسرة، وهذا غير صحيح ذلك أن الأب له دور كبير في تربية الأبناء وتحقيق التوازن في الأسرة، فمن المعلوم أن لكل واحد من الوالدين دور في الأسرة لا يمكن لغيره أن يقوم به.
ومن الأدوار التي يقوم بها الأب في الأسرة مصاحبة أبنائه وتقويم أفكارهم وإمدادهم بالخبرات الحياتية التي يحتاجون إليها، كما أنه يقوم بدور كبير في حل مشاكل الأبناء، كما أنه يكون الصديق المخلص لهم دائمًا وكثيرًا ما يتأثرون به ويحاولون الاقتداء به حتى مع عدم تواجده في المنزل فترات طويلة، كالفترات التي تمكثها الأم بين أبنائها.
عندما نتحدث عن بر الوالدين فإننا نكثر من الحديث عن الأم وهذا حقها قطعًا فلها منزلة كبيرة وفضل عظيم، لكن يلاحظ أن كثيرًا من الناس يغفلون الحديث عن الأب وعن دوره الكبير في حياة الإنسان، ولذلك فإن دور الأب كبير كدور الأم تمامًا ولا يمكن الاستغناء عن أي دور منهما بحال من الأحوال.
بر الوالدين
إن كلمة أبي الغالي، تفرض على الإنسان أن ينصت ويستمع إلى والديه وألا يخالفهما في أي أمر من الأمور، فإذا ما أمر الوالد بشيء فعلى الابن أن يبادر إلى فعله ما لم يكن حرامًا أو معصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وتفرض هذه الكلمة أيضًا على الإنسان ألَّا يرتكب ما يغضب الأب، فطاعة الأب والالتزام بكلامه من الأمور التي تُدخل السرور على الإنسان.
لا شك أن مجتمعنا اليوم في حاجة ماسَّة لإحياء قيم بر الوالدين والترابط الأسري الذي يحقق على المستوى العام الترابط المجتمعي وبالتالي تخريج أجيال نافعة تساهم في نهضة أمتها ومجتمعها، كما أنها ستتمكن من تحقيق كثير من الإنجازات على الصعيد الفردي، ولا يمكن لهذا أن يتم بدون الأب والإعلاء من قيمته وتربية النشأ على هذا الخلق القويم الذي دعا إليه الإسلام وتقره عاداتنا وتقاليدنا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
ملخص المقال
وأخيرًا يمكن القول أن الأب دوره محوري في حياة الأبناء، ولعل الحديث عن المعاني التي تتضمنها كلمة أبي الغالي تؤكد هذا المعنى، ونحن إذ نتحدث عن الأب فإننا ندعو جميع الأبناء إلى الاقتراب من آبائهم والاستفادة منهم والتعبير لهم عن المشاعر الجياشة، فمن المعلوم أن هناك عدة مؤثرات تشكل ثقافة ووعي الطفل من أبرزها على الإطلاق وجود الأب في الحياة الذي يعد مثالًا يحتذى به لجميع أبنائه.