كيفية الوضوء

كيفية الوضوء

كيفية الوضوء الصحيح وماهيته وتعلُّمه، من الأمور التي لا غِنى عنها لكل مسلم، لأن الوضوء يُعد شرطًا من أهم شروط صحة الصلاة، فلا تُقبل صلاة المسلم ما لم يكن على طهارة، وقد حث الإسلام على النظافة والطهارة، لكي يقف العبد أمام ربه نظيف البدن واللِّباس، وكذلك نظيف القلب.

والوضوء معناه شرعًا إيصال الماء إلى الأعضاء الأربعة مع وجود النية، ولفظ الوضوء مأخوذ في اللغة من الوضاءة بمعنى النظافة والحُسن، وهذا يدل على الغرض من الوضوء، لأن الإسلام يريد لأتباعه أن يكونوا على أحسن صورة وأكمل حال، فصورتهم مشرقة ونظيفة كما هي حال قلوبهم المؤمنة.

كيفية الوضوء الصحيح

مما ثبت عن النبي في كيفية الوضوء الصحيح كالتالي:

النيَّة والبسملة

كان الرسول ينوي الوضوء أولًا، ثم يُسمِّي في أول الوضوء (يقول بسم الله)، فقد ورد أنه قال: “لا صلاةَ لمَن لا وُضوءَ لهُ، ولا وُضوءَ لمَن لَم يذْكرِ اسمَ اللهِ علَيهِ“. (صحيح الترغيب: 203). ولذا يُشرع للمتوضئ أن يقوم بالتسمية في أول الوضوء، وقال بعض أهل العلم أن مَن نسي أو جهل التسمية فلا حرج في ذلك ووضوؤه صحيح.

غسل الكفَّين

ثم يقوم بغسل كفَّيه ثلاثًا، ولا يعتبر غسل الكفَّين من واجبات الوضوء لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ). سورة المائدة: 6. فذَكَر الوجه ولم يذكر الكفَّين، لذا يُعد غسل الكفَّين من السنَّة لأنه قام به الرسول .

المضمضة

ثم يقوم فيتمضمض، ويستنشق ثلاثًا. وكما أوضح الإمام إبن باز أن المشروع في المضمضة والاستنشاق هي غَرفة واحدة من الماء لكليهما، يكرِّرها المتوضئ ثلاثًا كما فعل النبي وإن أفرَد الفم بغَرفة والأنف بغَرفة فلا حرج، لكن الأفضل أن يأخذ غرفة يتمضمض منها، ويستنشق منها، ولا يلزَم إدخال إصبعه في فمه، إذا أدخل ماء في الفم ثم مجَّه كفى.

غسل الوجه

ويقوم بغسل وجهه ثلاث مرَّات،وهو واجب من واجبات الوضوء لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ). سورة المائدة: 6. ويكون الغسل من منابت الشعر من أعلى الجبهة، إلى الذقن من أسفل الوجه، وعرضًا يمينًا ويسارًا إلى فروع الأذنين.

وإن كان للرجل لحية كثيفة كفى مرور الماء عليها، وإن خلَّلها فهو أفضل أما إن كانت صغيرة لا تستر البشرة، فإنه يعرِّكها حتى يصل الماء إلى البشرة، ويغسل البشرة مع الشعر؛ لأنها حينئذٍ وجودها كعدمها لأنها قليلة.

غسل اليدين إلى المرفقين

وبعدها يأخذ من الماء ويغسل يديه من الأصابع إلى المرافق ثلاث مرَّات، يبدأ باليد اليمنى أولًا ثم باليد اليسرى ثانيًا. كما جاء في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ). سورة المائدة: 6.

مسح الرأس

ثم يقوم بمسح رأسه بيديه مرة واحدة وذلك من مُقدِّمةِ رأسِه إلى قَفَاه، ثم يردُّهما إلى الموضِعِ الذي بدأ منه، كما جاء في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ). سورة المائدة: 6. ويجوز المسح من مقدمة الرَّأس إلى ناصيته فقط، ويجوز للمرأة كذلك.

مسح الأذنين

يجب مسح الأذنين؛ لأنهما من الرأس وجزءٌ منه، والرأس يجب تعميمه بالماء كما جاء في الآية السابقة، الرأس كله من أوَّله إلى آخره مع الأذنين، حيث يُدخل المتوضئ أصبعيه في الصماخين ويمسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، وهذا هو الواجب عليه في كل وضوء.

غسل القدمين مع الكعبين

ثم يقوم بغسل القدمين مع الكعبين، ثلاثًا بادئًا بالقدم اليمنى ثم اليسرى، وذلك لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ). سورة المائدة: 6.

وإذا اكتفى المتوضئ بمرَّة واحدة في غسل الرجلين أو مرَّتين فلا بأس في ذلك؛ لكون النبي قد فعل ذلك فتوضَّأ في بعض الأوقات مرة، وأحيانًا أخرى فعل ذلك مرَّتين، ومرَّة ثالثة فعل ذلك ثلاث مرَّات.

ولذا فإن الأمر فيه سعة ويمكن فعل هذا أو ذاك، ولكن الأحوَط أن نغسل الأعضاء ثلاث مرَّات، فهذا أفضل. وهذا ينطبق على الأعضاء الثلاثة الوجه واليدين والرجلين. فالسنة تعميمها بالماء ثلاث مرات، فإن اقتصر على مرتين، أو على مرة واحدة، فإنه صحيح كذلك.

تلك هي كيفية الوضوء الصحيح الواردة عن النبي ، وهكذا فعل أصحابه وقد رأوا فعله قبل ذلك، فمِمَّا رُوي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه: “دعا بوضوءٍ وهو على بابِ المسجدِ غسل يدَيه ثم مضمض واستنثَر ثم غسل وجهَه ثلاثًا ثم غسل يدَيه إلى المرفقينِ ثلاثَ مراتٍ ثم مسح برأسِه وأمر بيدَيه على ظاهرِ أذنيه ثم مرَّ بهما على لحيتِه ثم غسل رجلَيه إلى الكعبينِ ثلاثَ مراتٍ ثم قام فركع ركعتينِ ثم قال توضأتُ لكم كما رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتوضأُ ثم ركعتُ ركعتينِ كما رأيتُه ركع” (أخرجه البخاري: 1934).

ولكن هذا الوضوء ما لم يحدث بول أو غائط فإن حدث شيء منهما، فلا بد أولًا من الاستنجاء ثم يتوضأ الوضوء المذكور سابقًا. أما إخراج ريح أو النوم أو مس الفرج، فإنه لا يشرع فيه الاستنجاء، بل يكتفى فيه بالوضوء الشرعي السابق ذكره.

سنن الوضوء

تشتمل كيفية الوضوء الصحيح أمورًا عدَّة ذكرناها سابقًا، وهناك سُنن للوضوء نتوقف أمامها الآن حتى نُتقن الوضوء بالشكل الصحيح ونفعل كما فعل النبي ، ونُجمل سُنن الوضوء كما يلي:

  1. التسمية في أول الوضوء.
  2. استخدام السواك.
  3. غسل الكفَّين في أوَّل الوضوء.
  4. تخليل اللِّحية بالماء.
  5. المبالغة في الاستنشاق والمضمضة إن لم تكن صائمًا.
  6. تخليل أصابع اليدين والقدمين.
  7. غسل الأعضاء ثلاث مرات.
  8. تدليك أماكن الجسم التي تتعرض لماء الوضوء.
  9. البدء باليد اليمنى والقدم اليمنى قبل اليُسرى.
  10. الاقتصاد في استخدام الماء.
  11. الذكر بعد الوضوء.
  12. صلاة ركعتين بعد الوضوء.

ومن الأذكار الصحيحة الواردة بعد الوضوء ما رُوي عن النبي ، حين قال: “ما مِنكُم مِن أحَدٍ يَتَوَضَّأُ فيُبْلِغُ، أوْ فيُسْبِغُ، الوَضُوءَ ثُمَّ يقولُ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا عبدُ اللهِ ورَسولُهُ؛ إلَّا فُتِحَتْ له أبْوابُ الجَنَّةِ الثَّمانِيَةُ يَدْخُلُ مِن أيِّها شاءَ“. (صحيح مسلم: 234).

ومن سنن الوضوء الصلاة ركعتين بعده مباشرة، فقد ورد في فضله، ما قاله النبي : “مَن تَوَضَّأَ وُضُوئِي هذا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِما بشيءٍ، إلَّا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ“. (صحيح البخاري: 1934)، وهذا دليل على أهمية تلك السنة وأنها باب من أبواب مغفرة الذنوب، وتكفير السيئات.

فضل الوضوء

للوضوء أهمية كبيرة وفضل جزيل، ولما لا وهو فعل يَقصد من ورائه العبد أن ينظف نفسه قبل أن يقف بين يدي الله تعالى لأداء الصلاة، ومن فضائل الوضوء ما يلي:

• الوضوء يُدخل المسلم ضمن الطائفة المحمودة الموصوفون بالغر المحجلين يوم القيامة، أو كما جاء في الحديث الشريف: “إنَّ أُمَّتي يَأْتُونَ يَومَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِن أَثَرِ الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنكُم أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ“. (صحيح مسلم: 246).

والغر أي البياض الموجود في جبهة الفرس فيعرف بها، والتحجيل هو بياض يكون موجودًا في قوائم الفرس، والمعنى أن الوضوء يجعل المسلم يسطع منه النور يوم القيامة. يقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ). سورة البقرة: 222.

• الوضوء يرفع الدرجات، ويمحو السيئات، وفي الحديث الشريف: “أَلا أدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟ قالُوا بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إسْباغُ الوُضُوءِ علَى المَكارِهِ، وكَثْرَةُ الخطى إلى المَساجِدِ، وانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّباطُ” (صحيح مسلم: 251). فالوضوء من أفضل الأعمال التي تُكفِّر الخطايا.

• الوضوء سبب من أسباب دخول الجنة، لأن مَن يتوضأ فيُحسن الوضوء وينطق لفظ الشهادتين، تُفتح له أبواب الجنة الثمانية، كي يدخل من أي باب منها. كما أن الوضوء يساعد على حل عقدة الشيطان التي يعقد على المسلم بهدف إغوائه وإلهائه عن ذكر الله.

• يحقق الوضوء الطهارة الحسية للمسلم، وإزالة كل ما يتعلق بالأوساخ والقاذورات والنجاسات، كما يحقق الطهارة المعنوية المتعلقة بالذنوب والمعاصي، ولذا فإن الوضوء هو شطر الإيمان.

• يعد الوضوء بشكل متكرر سبب من أسباب الموت على الفطرة، وأنه علامة من علامات الإيمان، فقد جاء في الحديث: “استَقيموا ولَن تُحصوا واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ ولا يحافظُ علَى الوضوءِ إلَّا مؤمنٌ“. (صحيح ابن ماجة: 226).

فوائد الوضوء في العلم الحديث

إن كيفية الوضوء الصحيح مهمة لأسباب كثيرة سواء إيمانية أو طبية، ويكفي أن نعلم أن للوضوء أثر طيب في التخلص من الجراثيم والفيروسات، وبعد كل ما سبق فقد كشف لنا العلم الحديث عدة أمور مهمة، وهي كما يلي:

• أن عملية الوضوء تعمل على تجديد النشاط، مما يساعد الإنسان على متابعة عمله بجد ونشاط، ولا يتأتى إليه الكسل.

• أن غسل الأعضاء المعرضة للأتربة له أثر على الصحة العامة، فيتخلص الجسم من خلاله من الميكروبات والجراثيم.

• أثبت العلم أن المضمضة تساعد في المحافظة على صحة الفم والبلعوم وحمايتهما من الالتهابات، وتقوم بحماية اللثة من التقيُّح، كما تقي الأسنان وتقوم بتنظيفها وإزالة الفضلات الغذائية من بينها.

• ينقِّي الوضوء الأنف من الأتربة والجراثيم والميكروبات المنتشرة في الهواء.

• تساعد عملية غسل الوجه واليدين حتى المرفقين في إزالة أثر العرق عن الجلد، والميكروبات، وبعض المواد الدهنية، مما ينقِّي الجلد من الجراثيم ويخلِّصه من أي أثر لتراكم تلك الميكروبات وتكاثرها.

قد يعجبك أيضاً
أكتب تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك، ويمكنك إلغاء الاشتراك في أي وقت. حسناً قراءة المزيد