تقنية النانو

تقنية النانو تكنولوجي

تقنية النانو تكنولوجي.. أصبحنا نسمع عن مصطلحات علمية جديدة مثل النانو، وعن مدى تقدم العلوم والتطبيقات العلمية التي تعمل به. ولا شك أنك لاحظت التقدم السريع في مجالات الحوسبة والاتصالات، وأصبحت كل يوم ترى الهواتف المحمولة تصبح أسرع فأسرع وأكثر مساحة وبمميزات أكثر… إلخ.

لو كان هذا التقدم في مجال الميكانيكا لكُنَّا سنرى السيارات الطائرة التي كانوا يخبروننا عنها دائمًا وأنها ستكون متاحة خلال بضع سنين. هذه الذرَّات المتناهية في الصِّغر لا تزال حتى يومنا هذا تدهشنا وترعبنا في آن واحد. من الأجهزة الإلكترونية إلى القنابل الذرية، عالم الذرة الذي يبدو في ظاهره صغيرًا، في حين أنه حقيقةً واسع جدًّا ويبدو وكأنه لا ينتهي.

تعريف تقنية النانو

هناك عادة لدى الآباء وهي قياس أطوال أبنائهم مما يثير البهجة على وجه هؤلاء الأبناء. وبالتأكيد قد صادفت هذا الشيء أو شاهدته على التلفزيون. إن نظرت إلى مسطرة ورأيت القياسات عليها ستتعجَّب من صِغر المسافات بين الخطوط عليها. كيف أن تكون تلك المسافة بين مليمتر ومليمتر بهذه الضآلة.

إنك حتى قد لا تستطيع قياسها بإصبعيك. فماذا لو قلت لك أن هناك مسافات أصغر من تلك التي تستغربها. تخيَّل أنك في يوم من الأيام استيقظت وأنت أصغر بمقدار 1,500 مرة من طولك الأصلي، لن تتمكن من رؤية أثاث منزلكم بالصورة التي كنت تراه عليها مسبقًا. لأنك سترى فقط الذرَّات والجزيئات وتلك الجسيمات ذات الأحجام المتناهية الصِّغر.

توجد عدة أنظمة لقياس المسافات في دول العالم، ومن أشهرها والأكثر استخداما على الإطلاق هو النظام المتري. في هذا النظام يقيس الناس المسافات بوحدة أطلقوا عليها اسم “متر” وهي كلمة يونانية تعني “قياس” وأول من استخدمها في العصر الحديث كان الفرنسيُّون. ويمكننا تقسيم هذا المتر إلى مائة وحدة أصغر أطلقنا عليها “سنتيمتر” وكذلك إلى ألف وحدة أطلقنا عليها “ملليمتر”… إلخ. وكذلك يمكننا تقسيم المتر إلى مليار وحدة أصغر وتلك هي التي نطلق عليها تسمية “نانومتر”.

تاريخها

استخدم العلماء تطبيقات تقنية النانو حتى قبل أن يُطلقوا عليها هذا الاسم. إذ بدأ العلماء في منتصف القرن العشرين بالتحدث عن الأحجام الصغيرة وكيف أنه من الضروري البدء بالاستفادة منها والسيطرة عليها.

وكان أول استخدام لمصطلح النانو من قِبل العالم الياباني نوريو تانيغوتشي في ورقة بحثية لعام 1974م عن إنتاج التقنية التي تصنع الأشياء التي بحجم النانو. بعدئذٍ قام المهندس الأمريكي إريك دريكسلر بتطوير تقنية نانو جزيئية والتي أدت لاحقًا لتصنيع آلات تقنية النانو.

بدأ التطور في اكتشافات تقنية النانو تكنولوجي ينمو ويزيد بشكل مضطرد حتى اختراع مجهرين (ميكروسكوب) أولهما مجهر المسح النفقي والآخر هو مجهر القوة الذرية واللذان شكَّلا علامةً فارقة في تقنية النانو، إذ أصبح العلماء قادرين على رؤية المواد بمقياس ذرِّي غير مسبوق. وبتواجد الحواسيب الفائقة، زادت من إمكانية إجراء محاكاة أدق على أنظمة هذه المواد.

استخداماتها وتطبيقاتها

يوجد لتقنية النانو استخدامات وتطبيقات بالجملة وفي مختلف المجالات. من هذه المجالات نجد الطب والإلكترونيات والهندسة والطعام والطاقة والفضاء والمناخ وجودة المواد والألياف وغيرها الكثير.

– في الطب: من التطبيقات المعروفة هي إيصال الأدوية. حيث أن العلماء يقومون بأبحاث لإيصال الأدوية أو الحرارة أو غيرهما إلى أنواع معينة من الخلايا كالخلايا السرطانية مثلًا. إذ تُبرمج الجزيئات حتى تنجذب إلى خلايا المرض، وبالتالي فإنها ستسبب في علاج هذه الخلايا مباشرةً دون إلحاق أي أذى بالخلايا السليمة في الجسم.

كذلك أحد التطبيقات الطبية الأخرى هي تشخيص الأمراض. وفي هذا التطبيق استخدم باحثون أجسامًا مضادة مرتبطة بأنابيب نانو في رقاقات للكشف عن الخلايا السرطانية في مجرى الدم مما سيُسهِّل الكشف المبكر للسرطان.

– الإلكترونيات: حيث تتسارع التطبيقات المتقدمة والتي أصبحت رائجةً في كثير من المجالات ومنها الإلكترونيات النانوية. ومن أشهر هذه التطبيقات هي تحسين شاشات العرض من حيث تقليل استهلاك الطاقة ووزن الشاشة وسُمكها. بالإضافة إلى ذلك زيادة كثافة رقاقات الذاكرة وتقليل أحجام أجهزة الترانزستور والدوائر المتكاملة، مما سيجعل الحواسيب أصغر وأقوى.

– صناعة الغذاء: مجال آخر بدأت فيه هذه التطبيقات بالانتشار وهو التغذية، فهناك مثلاً تطبيقات لتوفير حواجز مضادة للغازات في الزجاجات. وكذلك أيضًا الحماية من البكتيريا وكذلك الأشعة فوق البنفسجية.

– في مجال الطاقة: فمثلًا في الطاقة الشمسية قلَّت تكاليف التصنيع والتركيب. في الطاقة الحفرية، أصبح إنتاج الوقود من مواد سيئة الجودة أرخص وازدادت كفاءة المحركات.

وهناك الكثير والكثير من التطبيقات التي لم نأتي على ذِكرها وكذلك النظريات المخصصة لعمل تطبيقات مستقبلية، وهذا بسبب التقدم السريع لهذه التقنية وتقنيات الاتصالات التي بحسب قانون مور أن الرقاقات الإلكترونية تتضاعف قدرتها كل عامين وتتضاءل تكلفتها.

مستقبل تقنية النانو

أصبح مستقبل تقنية النانو يشغل أذهان الكثيرين من العلماء والباحثين وحتى المؤلفين والكُتَّاب. بعض المؤلفين الذين ناقشوا مستقبل هذه التقنية قاموا بتقسيمه إلى ثلاثة أقسام:

  • أوَّلها تقنية النانو التزايدية.
  • وثانيها الثورية.
  • وآخرها الراديكالية.

– التزايدية: هي ما نشهده الآن من تحسين الأجهزة والمعدات مما يؤدي إلى نتائج أكثر استحسانًا.

– الثورية: فهي ما يتوقعه الكتَّاب في المستقبل القريب، ألا وهي القيام بمهام أكثر تخصصًا ودقةً مثل استشعار البيئة وتحليلها وتحويل الطاقة وغيرها.

– الراديكالية: والتي هي أبعد من ذلك بكثير ولكنهم لم يذكروا تفاصيلًا لها لأنهم على غير دراية بما يخبِّئُه المستقبل.

معظم الرؤى الجريئة تأتي من الرؤية الأصلية للمهندس إريك دريكسلر (من أول المساهمين في تقنية النانو) في كتابه “محركات الإنشاء: حقبة تقنية النانو القادمة”، والذي يناقش تطوير الهياكل المعقدة وتصنيعها بأحجام النانو. هذا الكلام واجه نقد بسبب نزعته للتعقيد الهيكلي في أحجام صغيرة للغاية متجاهلًا تأثير القوانين الفيزيائية بالنسبة للأحجام الذرية.

وهناك اعتقاد آخر بديل وهو “محاكاة الطبيعة” ويقترح هذا النموذج على استبدال المكونات الصلبة بأخرى ناعمة مثل الأعضاء الحيوية والخلايا ذات التركيب المعقد، والذي سيحتاج إلى العمل على مجال تقنية النانو الحيوية. ويعمل العلماء على دراسة مبادئ الطرق الكيميائية بالأعضاء الحيوية والتي ستكون بمثابة منارة لهم بتطوير الهياكل للآلات الصغرى للنانو كما هو الحال في الخلايا الحية.

خاتمة المقالة

لا زال لدى الإنسان الكثير ليتعلمه بشأن هذا الكون المُعجِز، هل تعلم أنه هناك اعتقاد سائد بأن كل ما يعرفه الإنسان عن المواد المكونة للكون هو 5% فقط. والبعض الآخر يقول إن ما اكتشفه الإنسان من الفضاء يساوي 10% فقط من الفضاء الخارجي. ولا أحد يعلم ما الذي سيكتشفه الإنسان فيما بعد، ولكن هذا الكون سيظل يدهشنا بما في جعبته من خبايا.

قد يعجبك أيضاً
أكتب تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك، ويمكنك إلغاء الاشتراك في أي وقت. حسناً قراءة المزيد