تفسير الأحلام والرؤى
تفسير الأحلام والرؤى من أكثر الأشياء التي ربما شغلت بال البشر من مختلف الثقافات قديمًا وحديثًا، كَوْن التفسير يختبئ خلفه كثير من التكهنات والتوقعات المستقبلية التي ربما بعضها يكون صادمًا والبعض الآخر يكون خيرًا عميمًا. من أجل ذلك تشرئِبُّ أعناق الجميع بحثًا عن حقيقة الأمر وتدور في ساحة الموضوع كثير من الآراء التي تعتبر تفسير الأحلام والرؤى خصوصًا في زماننا أمرًا غير دقيق وضربًا من ضروب الدَّجَل، بينما يرى آخرون أن هذا أمرًا دقيقًا ويعتقدون به ويؤمنون بكل ما يَرِد على ألسنة المفسرين.
تفسير الأحلام والرؤى
ونحن بين هذا وذاك نحاول أن نفصِّل الأمر ونضع القارئ العزيز بين الرأي الصائب الذي تطمئن إليه النفس، هذا بجانب تبيانِنَا بعض الأمور المهمة الأخرى المتعلقة بهذا الأمر.
التفسير العلمي للنوم
جميعنا يعلم عن قرب ما هو النوم والذي لولاه ما كان لموضوعنا الذي نتحدث فيه الآن ألا وهو “تفسير الأحلام والرؤى” أي وجود، فهو محل الأحلام وبساطها السحري الذي تنشأ فيه وتنمو. ولسنا وحدنا من ننام، بل النوم حالة عامة تقع لجميع الكائنات الحية، تَقِلُّ فيها مُعدلات الحركة الإرادية والشعورية وتنمو بجانبها حالة عميقة من الاسترخاء، لا يمكن أن نفسر النوم أبدًا على أنه فقدان للوعي.
ذلك أن إعادة الإنسان من النوم إلى حالته الطبيعية يكون بهزَّة بسيطة أو شديدة قليلًا لدى بعض الأشخاص ثقيلي النوم. لذلك النوم شيء وفقدان الوعي شيءٌ آخر، ويمكن القول أنه تغيُّرٌ ما يُصيبُ حالة الوعي العامة التي يتَّسم بها الإنسان. يقضي الإنسان حوالي ثلث عمره نائمًا، ورغم الممارسة اليومية للنوم إلا أننا بشكل أو بآخر بعيدين جدًا عن إدراك ماهيته.
وتصوَّر الكثيرون منذ القدم وفي كثير من الآراء الحاضرة حتى اليوم أن النوم ما هو إلا خمول جسدي وعقلي وعضلي يحتاجه الإنسان لكي يتجدد نشاطه. إلا أن العلم الحديث أثبت كثيرًا من الحقائق التي تُخالف ذلك، منها أن الكثير من الأنشطة العقلية المعقدة في المخ وجسد الإنسان بشكل عام تحدث في أثنائه، بل إن بعض الوظائف الحيوية لدى الإنسان تكون أنشط في النوم عنها في الوعي.
كما تأتي الأحلام والرؤى كعلامة أخرى من علامات الحضور الذهني للإنسان أثناء النوم، مما يعني أننا سر كبير ومعنى ربَّاني عظيم لم يستطع العلم إلى الآن أن يحدد وظيفته أو يرى مدى لزوميته.
ما هي الأحلام والرؤى
الحلم أو الرؤيا هو عبارة عن سلسلة من المشاهد التخيُّلِيَّة التي تحدث للإنسان أثناء نومه، تُعبِّر هذه الأحلام والرؤى في الغالب عن تفاصيل ومواقف حياتية أو أسطورية غير واقعية، تختلف هذه الصورة من حلم لآخر ومن شخص لآخر، هذا وقد دار حول هذه الرؤى والأحلام عدد من التصوُّرات والتفسيرات والتي ارتبطت في معظمها بالدين والميثولوجيا.
ولعل الحضارة السومرية أقدم الحضارات الإنسانية قد تناولت هذه القضية، حيث تم اكتشاف عدد من الألواح الحجرية ذُكرت فيها الأحلام واعتُبِرَت رسائل من الإله تكشف عن واقع أو تحذِّر من شيء أو توجِب شيء.
الأحلام والرؤى في الإسلام
لقد نظر الدين الإسلامي إلى الرؤى والأحلام نظرة اهتمام وتبجيل، حتى إن أحد عِيدَيْه وهو عيد الأضحى المبارك مبني على قصة دينية من قصص الأنبياء تبدأ فصولها برؤية لسيدنا إبراهيم عليه السلام رأي فيها نفسه يذبح ولده إسماعيل.
ولأن رؤيا الأنبياء حق وبمثابة رسالة من الله لأنبيائه كان واجبًا على سيدنا إبراهيم عليه السلام ذبح ولده. حتى إذا ما اقترب أن يهُم بذلك فَدَاهُ الله بذبحٍ عظيم، ومن هنا جاء الاحتفال وكانت سُنَّة المسلمين بذبحهم شاة أو كبشًا في ذلك اليوم.
بالنظر إلى ذلك الشاهد السابق من قصة سيدنا إبراهيم، نرى مدى تعاطي الدين الإسلامي مع الرؤيا باعتبارها حق، وهو ما أكدته آيات قرآنية والعديد من الأحاديث النبوية الصحيحة، لكن الإسلام يقف من أحلام المنام ورؤاه مفرقًا بينها إلى ثلاثة أنواع:
- رؤيا من الله.
- تخويف من الشيطان.
- أحاديث نفس.
وبناءً على ذلك فليس كل ما يراه الإنسان في منامه رؤيا من الله، فلرُبَّما كان حديث نفس وحلم من الشيطان. وبالتالي فإن ما تراه يستحق منك الاهتمام إذا كان فيه بعض المنطق والتسلسل واستشعرت فعلًا أنه رؤيا، هذا وقد فرَّق النبي ﷺ بين الحلم والرؤيا في عدد من الأحاديث.
منها ما روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي ﷺ يقول: “إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها، فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها وليحدِّث بها، – وفي رواية: فلا يحدِّث بها إلا من يحب، وإذا رأى غير ذلك ممَّا يكره، فإنما هي من الشيطان، فليستعذ من شرِّها، ولا يذكرها لأحد، فإنها لا تضره“. متَّفق عليه.
تفسير الأحلام والرؤى
ليس من شك أن تفسير الأحلام والرؤى هو من صحيح الدين الإسلامي ويوجد ما يدل على صحَّته في القرآن والسنة. يكفي لإثبات ذلك هاتين الرؤيتين التي فسرهما نبي الله يوسف عليه السلام لصاحبيه في السجن ومن بعدهما تلك الرؤيا عظيمة الأثر التي فسَّرها لملك مصر. لمعرفة المزيد يمكنك قراءة: قصة سيدنا يوسف عليه السلام.
ويكفي كذلك ليدل على صحة الاعتقاد بـتفسير الأحلام والرؤى الحديث الشريف الذي ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه. أن النبي ﷺ قال: “لم يبقَ بعدي من النبوة إلا المبشراتُ“. قالوا: وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: “الرؤيا الصالحة“. هذا وقد التفت عديد من علماء المسلمين إلى مسألة تفسير الأحلام والرؤى وأوْلُوها اهتمامهم واجتهادهم. ومن أمثال ذلك كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين.
تفسير المنام بين العلم والدَّجَل
أعلى الإسلام من قيمة الرؤى ووضعها في موضع عليٍّ حقيقٍ بها، وبالتالي لا يمكن لمسلم أن ينكر ما تحمله من أثر طيب. سواءً على حياة أصحابها ونفوسهم أو عبر ارتباطها المباشر بواقعهم وشؤونه. لكن من جهة أخرى ليس كل شخص مؤهل كي يقوم بتفسير المنام أو تفسير الأحلام الشامل.
من هنا يجب الوثوق في شَخْصِ من يقوم بتفسير الأحلام أمامك ومدى تقواه وارتباطه بربِّه ومن ثم علمه. أما أولئك المشعوذون الذين يتخذون من الدَّجَل مهنة دون علم واضح؛ فلا يجب أبدًا اللجوء إليهم، ولنكتفي بالاستبشار دون تفصيل فذلك خير.
وعلى ضوء كل ما سبق من شرح وتوضيح نود أن نذكرك عزيزي القارئ بقراءة: أذكار النوم قبل النوم. ونتمنى أن نكون قد قدَّمنا كل ما هو مفيد ويجيب عن تساؤلاتك وتفسير أي غموض يلُف أحلامك التي نتمنى أن تكون كلها بشائر خير وبركة من عند الله سبحانه وتعالى.
ويسعدنا أن تقوم بمشاركة هذا المقال على وسائل التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة على الجميع ولنا ولك الأجر بإذن الله تعالى. كما سنكون سعداء بقراءة تعليقاتك واستفساراتك وآرائك في التعليقات.